الجمعة، 20 فبراير 2009


أجمل ما كتب من ذكريات عن النوبة وأهالي النوبة منها ما هو جميل ومنها ما هو مؤلم .. وأيضا مطالب أهالي النوبة للتعويض عن كل مما فقد منهم ... بواسطة الكاتبة نشوى الحوفي من جريدة ( المصري اليوم ) بعد أن قامت بزيارة إلى مناطق النوبة .

بقلم : نشوى الحوفى 2/2/2009

النوبة.. قرن من المرارة (الحلقة الأولى) بيوت متشققة ..
وأبناء مهاجرون وأراضى جدباء.. ووعد لم ينفذ منذ ٤٨ عاماً

موقنون أنهم أصل الحضارة المصرية القديمة، فخورون بانتمائهم إلى نسل ملوك وملكات الفراعنة، يقابلونك بابتسامة كاملة تزينها أسنان بيضاء، تبرز سمرة بشرتهم، يتحدثون بعيون تملؤها الطيبة، ممزوجة بالحنين، إلى تلك الأرض الأولى المشبعة بطمي النيل المتشحة بنسيمه .
يتحدثون عن الجذور بولع وشغف فتمنحك كلماتهم الإحساس بأن حياتهم توقفت عند تلك اللحظة، التي انتقلوا فيها من قراهم المطلة على النهر، رافضين فكرة السكنى في القرى التي نقلوا إليها معتبرين إياها، رغم سنوات العيش بها والتي تعود لعام ١٩٦٣ مجرد مأوى مؤقت، سينتهي بعودتهم إلى أرض الأجداد، التي لم يرتضوا غيرها بديلاً، وحتى لا تسيء فهمهم يؤكدون لك طوال الوقت، أنهم مصريون حتى النخاع، لا تراودهم أحلام الانفصال، أو إقامة حكم ذاتي، مستنكرين ما يردده البعض، سواء ممن ينتمي لهم أو سواهم، حول تلك الأفكار، متسائلين: «وماذا نملك من مقومات تلك الدولة المزعومة؟ لا دولة لنا سوى مصر، ولا حكومة لنا إلا حكومتها، ولكن في القلب غصة من وعود لم تنفذ، وحال كدنا نفقد فيه الهوية واللغة، وتزداد فيه هجرة الأبناء عن أرض الجدود».
الحديث عن سكان قرى التهجير في بلاد الذهب، «نبو» التي عرفناها بـ«النوبة» تلك البقعة من مصر الممتدة بين أسوان في الشمال وحتى الشلالين الأول والثاني في أقصى الجنوب المصري، نوبيون تكسوا ملامحهم البساطة، فتنعكس على كل ما يقومون به تتبدى عند استقبالهم الغريب في بلادهم فيجعلونه «صاحب بيت» له حق الضيافة والأمان والإكرام وهنا تتذكر ما قاله المقريزي عنهم في خططه «النوبيون يشبهون النيل فيهم كرم وسماحة».
يأخذك الحديث عن النوبة إلى الغوص في تاريخها القديم، فتعرف أنها كانت بلاداً تمتد من «أسوان» في الشمال، حتى تصل مدينة «الدبة» الواقعة بالقرب من الجندل الرابع داخل السودان، وهى المنطقة التي سمتها الكتابات المصرية القديمة باسم «تاستى» وتعنى «أرض القوس» وهو السلاح الذي برع في استخدامه أهل النوبة القدماء.

كانت «واوات» هي بلاد النوبة السفلى، القابعة في الأرض المصرية، بينما أطلق على الجزء الجنوبي منها، في السودان اسم «كوش» كانت بلاد النوبة حلقة الوصل بين الشمال والجنوب عبر نهر النيل، فاكتسبت منذ القدم أهمية بالغة من الناحيتين العسكرية والتجارية، بشكل جعلها على صلة بمختلف الحضارات والأجناس.
ويقول «ول ديورانت» في الجزء الثاني من «قصة الحضارة»: «ما من أحد يعرف من أين جاء المصريون الأولون؟ ويميل بعض العلماء الباحثين، إلى الرأي القائل بأنهم مولودون من النوبيين والأحباش» وتعود آثار النوبيين في جنوب مصر، إلى أكثر من ١٠ آلاف سنة، حيث وجدت آثار في وادي حلفا بمنطقة خور موسى، تشير لاعتماد الإنسان النوبي على الصيد وجمع الثمار وصيد الأسماك، إلى جانب آثار أخرى في منطقة خوربهان بشرق أسوان تدل على احتراف النوبيين الزراعة، وفى سنوات لاحقة نزحت جماعات من النوبيين، إلى منطقة الشلال الثاني، ليحترفوا الزراعة البدائية.

ويقول دكتور جمال حمدان في تحفته «شخصية مصر»: كان النوبي أول إنسان زرع ورعى الماشية منذ أقدم الحضارات، ساعده في ذلك، ترسب التربة الطينية الصالحة للزراعة على جوانب النيل مع قدوم الفيضان مما جعل الأراضي النوبية حول شريان النيل.

ومن أقدم الزراعات النوبية شجر الأبنوس الذي عرف منذ الأسرة الأولى، ٣٢٠٠ قبل الميلاد، كما عرفوا مزروعات أخرى في العصر الحديث مثل اللوبيا، والبصل، واعتمدت الزراعة في النوبة على الأدوات البسيطة كالفأس، والجاروف والمحراث والساقية والمنجل.
كانت فكرة الدولة المصرية الموحدة قد بدأت في التجسد على أرض الواقع، ليكون توحيد الشمال والجنوب في كيان واحد يضمن طريق التجارة عبر أفريقيا، ويؤمن الحدود الجنوبية لمصر، وبحلول العام ٢٩٠٠ قبل الميلاد، كانت النوبة بأكملها مصرية.

ولكن في عام ١٧٠٠ قبل الميلاد، نجحت مملكة «كرمة» التي كانت في شمال السودان عند الحدود مع مصر في ضم النوبة المصرية إلي نفوذها وهو ما استمر حتى عام ١٥٥٠ قبل الميلاد، حينما تولى الملك أحمس حكم مصر وطرد الهكسوس، وأسس الأسرة الثامنة عشرة لتعود سيطرة المصريين على أرض النوبة في الجنوب المصري.

«النوبة هي أصل الحضارة الفرعونية، حتى إن ملوكنا وملكاتنا الجميلات المحندقات نوبيات، عدا نفرتيتي التي يقال إنها من أصول غير مصرية، أما «حتشبسوت»، و«نفرتارى»، و«تيتى» حماة إخناتون، وغيرهن فمن النوبة وأنا أرى أن حماة إخناتون هي صاحبة أجمل شفتين في تاريخ مصر الفرعونية وأجمل أنف أيضاً،
أما الوجنات فهي بارزة وهذا يدل على أصلها الأفريقي» كان ذلك بعض قليل من كلمات كثيرة كتبها الكاتب أنيس منصور عن النوبة، وأضاف عليها قائلاً: «كانت بلاد النوبة على صلة مباشرة بأوروبا، دون أن تتوقف عند مدن الوجه البحري والعاصمة منف، وفى الوثائق الإغريقية، نجد أن أهل النوبة ونبلاءها وملوكها، هم أيضاً الذين علموا مصر والإغريق، نظام الملك ونظام الترقي بين الوظائف».
تطورت الديانات في أرض النوبة، وارتبطت بتطور مفاهيم العبادات الدينية عند المصريين القدماء، ففي عهد أمنحوتب الأول كان الإله المعبود هو حورس، بينما عبد «آمون رع ـ ورع حارختى» في عهد حتشبسوت وتحتمس الثالث، وأمنحوتب الثاني، وفى عهد الملك رمسيس الثاني، انتشرت صور عبادة الملك الإله إلى جوار الآلهة، ومع نهاية الأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة، بات آمون رع هو المعبود الرئيسي في بلاد النوبة.
أما المسيحية فلم يعرفها أهل النوبة إلا في القرن الخامس الميلادي، وتحول الكثير من المعابد الفرعونية إلى كنائس مورست فيها الشعائر المسيحية.
أما الإسلام فلم يدخل النوبة، إلا بعد سنوات من فتح مصر، حين بدأ العنصر العربي التوافد على بلاد النوبة، في القرن الثالث الهجري، عن طريق ممارسة التجار العرب أنشطتهم في بلاد النوبة، حيث كانوا يحضرون لشراء الذهب والزمرد وبعض المعادن الثمينة، إلى جانب استقرار بعض القبائل العربية في بلاد النوبة ومنها بني ربيعة وبني جهينة ليرتبطوا مع النوبيين في علاقات مصاهرة، انتشر عن طريقها الإسلام في بلاد الذهب.
وعلى الرغم من خصوصية المجتمع النوبي وثقافته وتراثه، إلا أنك تشعر عند التبحر فيه، بأنه مزيج من حضارات كل شعوب العالم، وهو ما عبر عنه الأديب النوبي، حجاج أدول بالقول: «مهما اختلف العلماء والمؤرخون حول معرفة الأصل النوبي، فالواضح لدينا أنه قد وفدت شعوب كثيرة إلى منطقة النوبة، قاهرا، أو لاجئاً، أو مستسلماً، منذ عهد الفراعنة، من العرب والأتراك، والمماليك والرومان، ومن المغرب العربي وغيرها. ومازال هذا الشعب باقياً على سماته النوبية الأصيلة، تلك الجنسيات على اختلاف منبعها، ذابت وانصهرت في الشخصية النوبية».

وهكذا عاشت النوبة في قلب مصر، تدين بديانتها منذ عهد الفراعنة، وتحكم بحكامها، ويسرى عليها ما يسرى على المصريين، رغم عدم وجود حدود فاصلة بين شمالها في مصر، وجنوبها في السودان، حتى كان عام ١٨٤١ حينما أصدرت الدولة العثمانية التي كانت تحكم أغلب الوطن العربي، فرمانا بترسيم الحدود الجنوبية لمصر، تلتها الاتفاقية الثنائية بين مصر والاحتلال البريطاني في عام ١٨٩٩، والتي أدت في النهاية إلى فصل جنوب مصر عن شمال السودان، بعد أن كانا قطراً واحداً، فانقسمت بلاد النوبة إلى شطرين، نوبة مصرية تمتد من قرية أدندان جنوباً وحتى الشلال شمالاً، وأخرى سودانية جنوب خط عرض ٢٢.

وأدى هذا الفصل الجغرافى والمكاني لتلك البقعة إلى فصل نفسي وإنساني أيضاً، حيث عانت بعض العائلات من التقسيم وهو ما يقول عنه «عم دهب» أحد كبار أهل النوبة الآن: «كانت النوبة بلاداً واحدة، لا وجود لما يسمى النوبة المصرية أو النوبة السودانية، وكان الأجداد يعيشون على امتداد المسافة من أسوان وحتى داخل السودان، وجاء قرار الترسيم العثماني الذي لم يراع البعد الإنساني، ورغم ذلك مازلنا حتى اليوم نتزاور في المناسبات والأعياد وحفلات الزواج، ونمارس العادات والتقاليد نفسها».
وعلى الرغم من عشق النوبي للنيل الذي تربطه به علاقة وثيقة فإن النيل والرغبة في الحفاظ على مياهه وتوفيرها، كان سبباً في معاناة أهل النوبة. كانت المرة الأولى حينما قررت الحكومة المصرية عام ١٩٠٢ إنشاء سد أسوان للتحكم في مياه نهر النيل بشكل أفضل، وهو ما نتج عنه احتجاز فائض من المياه خلف السد بلغ منسوبه ١٠٦ أمتار، تسببت في إغراق نحو ١٠ قرى نوبية بأراضيها ومنازلها.
وقتها طالب النوبيون بالتعويض، فقدرته الحكومة المصرية بنحو ٨٠ ألف جنيه، ولكنه لم يرض النوبيين واعترضوا عليه، فصدر قرار الحكومة بنزع ملكية الأراضي من سكان المنطقة للمنفعة العامة في العام نفسه وتتكرر قصة النوبيين مع سد أسوان في عام ١٩١٢ حين تمت التعلية الأولى للسد ومرة أخرى في عام ١٩٣٢ مع التعلية الثانية للسد.
قرى تغرقها المياه، وسكان دون مأوى لا يلتفت إلى وجودهم أحد ومع قيام ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢، وتغير الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر، شعر النوبيون - على حد قولهم - بأن ثمة إصلاحاً يوشك أن يكون خصوصاً في ظل شعارات رفعتها الثورة عن العدالة الاجتماعية لكل فئات المصريين. ولكن أحداً لم يلتفت إلى النوبيين في الجنوب حتى كان بدء تنفيذ السد العالي في عام ١٩٦٠.
«إن الخير الذي سيعم على أبناء النوبة سيكون الخير الكثير، لأنه سيجمع شمل أبنائها على أسس صحيحة وبناء مجتمع قوى وسليم، لتزول الشكوى التي كنتم تشكون منها وهى الانعزال، ستكون عملية التهجير من هنا منظمة ومريحة ومركزة، ستنتقلون إلى قرى تشعرون فيها بالسعادة والحرية والرخاء»..

هكذا انطلقت كلمات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في أسوان عند وضع حجر الأساس للسد العالي في يناير من عام ١٩٦٠، كلمات براقة أحيت الأمل في نفوس أهل النوبة في أن الدولة ستعوضهم عما مضى وما هو آت، نعم سيتركون قراهم ومنازلهم على النيل من أجل عيون السد العالي، مشروع مصر القومي، ليذهبوا إلى قرى جديدة في مناطق تطل هي الأخرى على النيل، تعمرها الدولة لهم بالمصانع لتستوعب اليد العاملة من أبناء النوبة، ومناطق لأصحاب الحرف، و٣٠ ألف فدان أعلنت الدولة عن تخصيصها لأهل النوبة الذين سيتم تهجيرهم من قراهم، وتصدر قوانين تؤكد إمكانية تحقيق الحلم لتنظيم هجرة النوبيين منها قانون ٦٧ لسنة ١٩٦٢، والخاص بنزع ملكية الأراضي التي تغمرها مياه السد العالي، وقانون وزاري رقم ١٠٦ لسنة ١٩٦٢بشأن قواعد تعويض وتمليك وإسكان أهالي النوبة ثم القرار الوزاري ١٠٧٤٥ لسنة ١٩٦٢، لحصر الممتلكات وتقدير التعويضات ويبدأ التهجير لنحو ١٦٨٦١ أسرة في العديد من القرى مثل الدكة، والسيالة، والمحرقة، ودهميت، وكلابشة، ومرواو، وجرف حسين، والسنقارى، وغيرها من المناطق حول بحيرة النوبة، التي تحول اسمها فيما بعد إلى بحيرة ناصر.
كانت خطة الحكومة - حسب بيان وزارة الشؤون الاجتماعية وقتها - أن يتم تمليك المساكن للنوبيين، مع مراعاة الخصوصية الثقافية للمعمار النوبى من حيث التصميم وألوان الطلاء، مع منح حق تشييد المباني لمن يريد على نفقته الخاصة بعد التنسيق مع مهندسي وزارة الإسكان، وتخصيص ٣٠ ألف فدان في وادي خريت، ووادي شعيت، وتمليكها للنوبيين طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي.

«سد أسوان مشروع قومي كان ضرورة لمصر، والسد العالي مشروع قومي آخر لا يقل أهمية، ونحن النوبيين ألسنا مشروعاً قومياً بحاجة لمن يلتفت إلى مطالبنا؟».. هكذا يقول عم جمال محمد الذي يعيش الآن في «أبوسمبل» وهى إحدى القرى التي استوعبت النوبيين بعد التهجير في «كوم أمبو» التي تبعد نحو ٥٠ كيلومتراً شمال مدينة أسوان، وتمتد على طول المنطقة في شكل يقارب نصف الدائرة، يتخللها طريق ممهد للمواصلات يمتد بين أسوان وكوم أمبو، ويربط جميع القرى النوبية ببعضها البعض،
وأضاف عم جمال: «كانت حياتنا تسير بهدوء قبل تلك المشاريع، نعيش على شاطئ النيل، ونزرع أفضل الزراعات، ولا نكلف الدولة أي شيء، ولكن فجأة تبدل حالنا وبات مطلوباً منا الرحيل عن أراضينا، جئت هنا منذ عام ١٩٦٣ على أمل ما وعدتنا به الحكومة، فلم أجد أنا وغيري ما وعدونا به، من مصانع يعمل بها الشباب وأراض شاسعة نزرعها ونتملكها، حتى عندما قرروا اختيار الأرض المخصصة لبناء المساكن، لم يهتموا باختيار الأصلح، ووقع اختيارهم على أرض صحراوية رخوة، لم تتحمل المساكن التي أقاموها لنا فتشقق الكثير منها، هذا غير أنهم اكتفوا بتسكين ١٥ ألف نسمة فقط واضطر العدد الباقي إلى الإقامة في مخيمات، أو لدى بعض ذويهم، بينما هاجرت نسبة غير قليلة إلى محافظات مصر المختلفة.

حتى الأراضي التي منحونا إياها لزراعتها كانت جبلية غير صالحة للزراعة، فكيف نزرع؟ ثم اتهمونا بعدم القدرة على استصلاح الأراضي وزراعتها، كيف ونحن كنا نعيش في قرانا على الزراعة، واشتهرنا بصناعة السواقي التي كانت تروى ظمأ وعطش الأراضي المرتفعة عن سطح النيل والبعيدة عنها، بطريقة فنية بالغة الدقة والمهارة، تجعل الساقية قادرة على رفع المياه من أسفل إلى أعلى عبر ترس خشبي كبير يدور بفعل حركة الدوران من الثور، لم نكن نعرف ما يسمونه التكنولوجيا الحديثة، كنا نزرع بالمنجل، والفأس، والبرش، فكيف يقولون إننا لا نعرف الزراعة؟».
عندما تسير في قرى التهجير، ترى المنازل الحكومية التي يرفضها النوبيون وقد تشققت جدرانها نتيجة رشح المياه، وانهار بعضها الآخر، تاركاً وراءه أنقاضاً لم يتم رفعها، ولا ترى أثراً لمدنية أو تطور، أو مظاهر نمو سكاني ينهض بأهل تلك القرى الحالمين بمصنع أو مشروع حكومي يوقف هجرة الأبناء الذين يشرعون في الطيران بعيداً عن الوطن بمجرد الحصول على الشهادة، لندرة ما يمكنهم القيام به في تلك القرى، التي بلغت نسبة البطالة فيها ٤٠٪، من تعداد السكان هناك،
وهى حالة لا تختلف كثيراً عما يحدث في مصر كلها ولكنها تزداد في النوبة مع تراجع الإمكانات وضعف الاهتمام الاقتصادي من جانب الحكومة بتلك البقعة التي يمكنها أن تكون من أفضل مناطق الصناعة والاستثمار في مصر، لا لتوافر المواد الخام بها، من حديد، ومحاجر، ومناجم، ومياه النيل وحسب، ولكن لتوافر الأيدي العاملة التي لا تحتاج إلا للتدريب.

كان من الممكن أن ترضى تلك القرى النوبيين، لو توافر بها فقط ما وعدوا به من مشروعات وأراض زراعية تستوعب الزيادة المطردة في عدد السكان هناك، وبيوت لا يعانون تصدعها، وخدمات تعوضهم ما لديهم من مشاعر اغتراب، وبخاصة أن المنطقة تسمح بذلك فقط لو امتدت لها يد التعمير الحقيقي، من دون وعود براقة، تعمل كالمسكنات، ولا هدف منها سوى التهدئة.
لم تكن الهجرة إلى قرى التهجير والابتعاد عن أرض الأجداد، كما يسمونها، هي الوحيدة في تاريخ النوبيين، الذين بدأوا ومنذ بناء خزان أسوان والتعليتين الأولى والثانية به، في بدايات القرن الماضي، في الهجرة للقاهرة والإسكندرية، وسيلة للتغلب على ما آل إليه الحال، إلا أنهم ولأمانتهم وصدقهم الشديد، اشتهروا بالعمل في مهن حراسة العمارات الفخمة في الأحياء الراقية، وكخدم في قصور الباشاوات والأمراء من أفراد العائلة المالكة.
ولذا تزخر الأفلام السينمائية القديمة بهؤلاء النوبيين، تتذكرهم ببشرتهم السمراء وأدبهم الجم، ولهجتهم المميزة، التي تؤنث كل شيء في الحياة، وضحكاتهم الصافية التي لا تغيب، ووفائهم الذي ميز ما قاموا به من أدوار على الشاشة، فمن منا ينسى عم «إدريس» ذلك النوبي الوفي الذي أعاد لشادية حقها في فيلم «أنا الماضي» وحماها من أطماع عمها في إرثها، ومن منا ينسى أيضاً عم «إدريس» في فيلم «لحن الخلود» وهو يدعو مديحه يسرى للحاق بـ«الزيطة والزنبليطة في الصالون»،
وعلى الرغم من تلك الظاهرة التي خلقت تلك الشخصية الدرامية في السينما، فإن أهل النوبة يغضبهم أن يقتصر الالتفات إليهم وتذكر سيرتهم على صورة الخادم والبواب، مؤكدين أنهم لم يكونوا خدماً فقط ولكن السينما ركزت فقط على تلك الظاهرة، ونحن نؤكد لهم أننا نذكرهم بالحب شأنهم شأن كل المصريين.







النوبة.. قرن من المرارة (الحلقة الثانية) السد العالي
مشروع يعمر مصر.. ويغرق النوبة ويطرد أهلها


بقلم : نشوى الحوفى 4/2/2009

هو المشروع القومي، رمز الانتصار على الاستعمار، شعار الإرادة المصرية في التنفيذ، ولكنه في عيون عدد من أهالي النوبة، مشتت الأهل، ومفرق الجماعة والصحبة، وسبب البعد عن الأرض والطين، وبخاصة من استوطن منهم قرى الحكومة البعيدة عن النيل ونسيمه، ومياهه الجارية منذ آلاف السنين. هو السد العالي الذي تأممت القناة من أجل عيونه، وتعرضت مصر بعدها للعدوان الثلاثي في عام ١٩٥٦، في اعتداء خرجنا نردد منه أننا انتصرنا سياسياً وهُزمنا عسكرياً. وأياً كانت الآراء يبقى السد كما قال عمى وعمك صلاح جاهين: ( حكاية شعب ) .
" أيها الإخوة لا يسعني أن أبدأ هذا الحديث من هذا الموقع، في هذه المناسبة، إلا بذكر إنسان عظيم، كان له الفضل الأول والأكبر، في بلوغ الهدف وتحقيق الحلم، إن جمال عبدالناصر وسد أسوان العالي كلاهما رمز عظيم. الأول، جمال عبدالناصر، رمز للأمة، والثاني، السد العالي، رمز لطاقة هذه الأمة .
ولقد امتزج كلاهما بالآخر، إلى درجة يمكن أن نقول معها إن السد العالي يستطيع أن يحكى كل جوانب القصة الهائلة، لعمل ودور جمال عبدالناصر. كما أن دور وعمل جمال عبدالناصر يمكن أن يروى كله بالقصة الهائلة للسد العالي " .
كان هذا بعضاً من كلمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عند افتتاح السد العالي الذي وافق ١٥ يناير عام ١٩٧١، بعد سنوات من العمل المتواصل للانتهاء من ذلك البناء، الذي مثل تحدياً سياسياً لمصر منذ اللحظة الأولى للإعلان عنه .

كان البكاء على الماء الضائع في البحر، والخوف من الجفاف الذي يهدد كل دول حوض النيل، وعجز الخزانات القائمة عن الحفاظ على ذلك التبر الساري بين الشطين، دافعاً للتفكير في تنفيذ مشروع السد، إذ لم يكن في الإمكان الاعتماد على التخزين السنوي، كوسيلة لضبط مياه النيل، الذي كان إيراده يختلف من عام إلى آخر، فقد يصل في عام ١٥١ مليار متر مكعب من المياه، وقد يهبط في العام التالي إلى ٤٢ مليار متر مكعب، وهو ما يعنى تعرض الأراضي الزراعية للبوار، في السنوات التي يتراجع فيها منسوب النيل .

لذا جاء التفكير في إنشاء السد العالي، الذي كان فكرة تم طرحها وتأجيلها أكثر من مرة، فالمشروع ضخم، وبحاجة إلى تمويل لا يقل عن مليار ونصف المليار دولار. لذا كانت الخطوة الأولى التفكير في التمويل الذي يقول عنه الكاتب محمد حسنين هيكل في أحد حواراته: ( بدا مشروع السد العالي أكبر بكثير من طاقة الشعب المصري، سواء في تعقيداته التكنولوجية، أو حجم الموارد المطلوبة له، أو المدى الزمني الذي يمكن الانتهاء منه فيه. كان المشروع يتكلف ربع الدخل القومي لمصر، لكنه إذا نفذ سوف يضيف إليها ما يساوى تكاليفه كل سنة ) .
كان التمويل والتكنولوجيا إذن هما العائق أمام مصر لتنفيذ هذا المشروع الذي بات قومياً، كان الغرب يحاول أن يستغل المشروع للضغط على النظام المصري، لقبول الانضمام إلى أحلاف عسكرية، وقبول الصلح مع إسرائيل، وهو ما رفضه جمال عبدالناصر لتبدأ المساومات حول التمويل مع البنك الدولي وكان يرأسه في تلك الفترة يوجين بلاك، الذي رفض منح مصر خطاب ضمان، يضمن التمويل على مدار ١٢ عاماً، مكتفياً بخطاب للنوايا، وهو ما رفضه الرئيس جمال عبدالناصر لأنه لا يضمن استمرار التمويل للمشروع، كان التعجيز من جانب الغرب، وكان الإصرار من جانب المصريين .
وفى الإسكندرية، وفى ٢٦ يوليو عام ١٩٥٦، كان صوت القرار: ( تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية ) .. هكذا انطلق صوت عبدالناصر كالهدير، ليعلن سيطرة مصر على القناة قبل انتهاء سنوات الامتياز ١٢ سنة بعد رفض البنك الدولي تمويل المشروع لتكون موارد القناة هي البديل،

وبدأ العمل، بعد أن وقع الاختيار على موقع السد العالي، في مكانه الحالي جنوب خزان أسوان، يفصل بينهما نحو ٦.٥ كيلو متر نظراً لضيق مجرى النيل نسبياً في هذا الموقع، كانت الدراسات الخاصة بتصميم جسم السد، وتكوينه قد انتهت إلى أن يكون من النوع الركامى، المزود بنواة صماء من الطفلة، وستارة رأسية قاطعة للمياه، بحيث يصل منسوب قاعه ٨٥ متراً، ومنسوب قمته ١٩٦ متراً، أما طول السد من عند القمة، فيبلغ ٣٨٣٠ متراً، في حين يبلغ طول مجراه الرئيسي للنيل ٥٢٠ متراً، وعرض قاعدته ٩٨٠ متراً، وأخيراً فإن عرض السد عند القمة بلغ ٤٠ متراً، كان الجميع يعمل في السد وهو يعلم أنه ليس مجرد مشروع لتوفير المياه والكهرباء، كانوا يعلمون أنه الأمل في إثبات الذات، ولكنها لم تكن نفس النظرة لدى النوبيين سكان الأرض حول موقع بناء السد العالي، وهو ما يعبر عنه عم خيبر جمال ـ ٧٣ سنة ـ وأحد كبارات أهل النوبة بحديثه معي ذات يوم، قائلاً: كان البناء في السد العالي يتم على قدم وساق دون النظر إلينا نحن البشر، كنا ندرك أنه مهم لمصر كلها، ولكنه أضرنا، وبدل حالنا، كانت حياتنا قبله تسير في هدوء، نعيش على شاطئ النيل ونزرع أفضل الزراعات، ولا نكلف الدولة أي شيء، وفجأة بات مطلوباً منا الرحيل عن أراضينا، دون النظر إلى أي اعتبارات .
لا يعرف عم خيبر ذلك النوبي المسن تلقائي الحديث، أنه دائماً ما تأتى مصلحة المجموع على حساب الواحد، وأنه ما من مشروع كبير في أي مجتمع دون ضحايا وضحايا السد لم يكونوا في النوبة فقط، ولكنهم كانوا أيضا في مدن القناة بعد أن بدأت إسرائيل في التحرك صوب الأراضي المصرية، في ٢٩ أكتوبر عام ١٩٥٦، ضمن خطتها مع إنجلترا وفرنسا لشن العدوان الثلاثي على مصر رداً على تأميم قناة السويس .
كانت الخطة محكمة تتحرك إسرائيل في أراضى سيناء فترد مصر، فتنذر بريطانيا وفرنسا مصر بصفتها معتدية، ثم تبدآن قصف مصر في عدوان أعمى، نتج عنه احتلال إسرائيل لسيناء وتدمير معظم مدن القناة، وبخاصة بورسعيد، ولكون الاحتلال والتخطيط له تم بعيداً عنها، تتدخل الولايات المتحدة وتصر على وقف العدوان والانسحاب الكامل من سيناء وعاد المصريون فانكبوا على مشروعهم والتخطيط له، وإلى جانب واردات قناة السويس وافق الاتحاد السوفيتي على إقراض مصر لإتمام مشروعها، قرضاً قيمته ١١٣ مليون جنيه مصري، وبدأ العمل في بناء السد العالي في ٩ يناير ١٩٦٠، وتم الانتهاء من تنفيذ مرحلته الأولى في ١٦ مايو ١٩٦٤.
كان العمل يسير على قدم وساق كأنما الجميع في معركة مع الوقت، والمعوقات، ها هو الحلم بات وشيك التحقيق كان العاملون يرون المشروع كل يوم بعيونهم، البحيرة، التي أطلقوا عليها اسم ناصر، أمام السد العالي بطول ٥٠٠ كيلو متر، ومتوسط عرض ١٢ كيلو متراً، وبسعة تخزين ١٦٢ مليار متر مكعب من المياه، تم حساب كل صغيرة وكبيرة في المشروع، لم يكن هناك مجال للخطأ، فإذا ما زاد منسوب المياه في البحيرة على ١٧٨ متراً، يتم تصريفه إلى المنخفض الطبيعي، المعروف بمنخفض توشكى غرب النيل، عن طريق قناة موصلة بين بحيرة ناصر والمنخفض، يبلغ طولها ٢٢ كيلو متراً، الطريف أن المياه لم تدخل مفيض توشكى، إلا ١٥ أكتوبر ١٩٩٦، حين بلغ منسوب المياه أمام السد العالي ١٧٨.٥ متر. في ذات الوقت كانت عيون آلاف من النوبيين، على أرض الأجداد التي تركوها شاعرين أن تهجيرهم منها بمثابة نزع أرواحهم من الأجساد ٥٠٠٠ منزل تم إخلاؤها على وعد بالعودة مرة أخرى بعد الانتهاء من البناء الحلم والأمل، الذي حفرت له قناة لتحويل المياه على ضفة النيل الشرقية، تتكون من جزأين، قناة أمامية، وأخرى خلفية تصل بينهما أنفاق رئيسية متوسط طول كل منها ٢٨٢ متراً، وقطرها ١٥ متراً، وتحت الجناح الأيمن للسد، وتبطينها بالخرسانة المسلحة، ويتم التحكم فيها عن طريق بوابات تعمل بواسطة رافع كهربائي، ويتفرع كل نفق إلى فرعين عند مخرجه، حيث تم تركيب توربين لتوليد الكهرباء على كل فرع، قدرة كل منها ١٧٥ كيلو وات، وبقدرة إجمالية للمحطة ٢.١ مليون كيلو وات، لتكون الطاقة الكهربية المنتجة سنوياً، ١٠ مليارات كيلو وات في الساعة .
جاء السد رغم أوجاع البعاد التي يعانى منها النوبيون، ليؤكد أنه من المشروعات ذات العائد الاقتصادي المرتفع، حفظ نصيب مصر من مياه النيل، وزادت مساحة الرقعة الزراعية في مصر بحوالي مليون فدان، وتم تحويل ٩٧٠ ألف فدان، من نظام الري الحوضي إلى نظام الري الدائم ما زاد من إنتاجية الفدان، وتحسنت الملاحة النهرية على مدار السنة، وحمى مصر من مخاطر الجفاف في السنوات شحيحة الإيراد، كما حدث في الفترة من عام ١٩٧٩ إلى عام ١٩٨٧، وكذلك أخطار الفيضانات العالية كما حدث عام ١٩٧٥، بقى السد وبقيت آمال النوبيين في العودة للسكن على النيل .




آثار النوبة .. هنا أرض الملوك العظماء وعبقرية الفراعنة


بقلم : نشوى الحوفى 4/2/2009



تستشعر في كل شبر تسير فوقه قدماك في بلاد الذهب آثار أقدام من سبقوك من ملوك وملكات الفراعنة على تلك البقعة ليشيدوا حضارة بلغت آفاق السماء، تاركين وراءهم آثاراً، تمنحك إحساساً بالهيبة لعظمة ما تركوه تارة، والحسرة على ما فرطنا فيه تارة أخرى.
آثار القدماء هناك لا تعبر فقط عن الحضارة المصرية التي أبهرت العالم، لكنها تحكى أيضاً قصة النوبيين ومساهمتهم فيها عبر آلاف السنين، شاهدة على عمق جذورهم في التاريخ المصري، حتى لتحار بأيهما تبدأ.
هذا «معبد كلابشة» المنتمى إلى قرية تحمل الاسم نفسه، وتبعد ٥٦ كيلومتراً جنوب خزان أسوان، ويعد أحد أكبر المعابد المشيدة بالحجر الرملي في النوبة، وأكثرها اكتمالاً في عناصرها المعمارية، على جدرانه نقوش للأسطورة الخالدة التي تحكى قصة إيزيس وأوزوريس، تتذكر وأنت ترى النقوش، تفاصيل قصة تلك الوفية، التي ما ملت بعد الغدر بزوجها، من قبل أخيه ست، من تجميع جسد الزوج، وتربية الابن حورس ليواصل مسيرة الأب.
يعود تاريخ بناء معبد كلابشة إلى عهد الإمبراطور الروماني «أوكتافيوس أغسطس» -٣٠ ق.م، ولا يزال المعبد يحتفظ بالمرفأ الخاص به. ومعبد «بيت الوالي»، المنحوت في الصخر على يد «ميسوا» حاكم كوش في عهد رمسيس الثاني، ليكون هذا المعبد واحداً من ٥ معابد أخرى أمر ببنائها رمسيس الثاني في النوبة، ويحتوى على فناء وصالة للأعمدة ومقصورة محلاة بنقوش، كما يتضمن نقوشاً للملك في ساحة الحرب.
عليك أن تبطئ الخُطى الآن، وأنت تقف مشدوهاً أمام معبد أبوسمبل الكبير، نعم لابد أن تتمهل عند دخولك أحد أهم وأجمل آثار النوبة، فأنت في حضرة الملك رمسيس الثاني، انظر بتروٍ إلى تماثيله، لا تسرع الخُطى، انظر إلى واجهة المعبد التي ترتفع ٣٣ متراً، وعرضها ٣٨ متراً، تحرسها تلك التماثيل الأربعة الضخمة للملك رمسيس الثاني، جالساً على عرشه، مرتدياً التاج المزدوج لمصر العليا والسفلى، وتتوسط الواجهة بوابة المعبد، الذي خُصص لعبادة الإله «رع حور آختا آمون»، إله الشمس المشرقة في مصر القديمة.
ها هو الملك في لوحات ضخمة تجسد معاركه التي قادها بشجاعة، أشهرها «قادش» حين طارد الحيثيين، تمتد خطواتك داخل المعبد، فتبهرك تفاصيل معماره الهندسي الفريد، والنقوش الرائعة، لتصل إلى نهايته حيث «قدس الأقداس» على عمق ٦٥ متراً، هناك تجد نفسك بين ٤ تماثيل، للإله «رع حور آختا آمون رع بتاح» والملك رمسيس الثاني.

ويظل المعبد تحفة في تصميمه الذي يسلط الأضواء على بانيه كل عام مرتين، حين يستقبل المعبد عشاق المعجزات، لرؤية الشمس وهى تتعامد على وجه الملك رمسيس الثاني، مرة في ذكرى جلوسه على العرش يوم ٢٢ فبراير، وأخرى في ذكرى مولده التي توافق ٢٢ أكتوبر. ويلح عليك السؤال باحثاً عن إجابة قبل مغادرتك تلك التحفة المعمارية، أين نحن الآن ممن نعتبرهم أجدادنا؟ وأين هم منا ومما آل إليه حالنا؟
تنصرف لترى على مسافة قصيرة من المعبد من جهة اليسار، معبد أبوسمبل الصغير، الذي بناه رمسيس الثاني، لا ليخلد ذكراه، بل تعبيراً عن حبه لزوجته «نفرتاري» التي يعنى اسمها «أحلاهم» أو «أطيبهم» أو «أحسنهم»، حيث تعنى كلمة «نفر» الطيب والحسن، وكانت نفرتاري مولعة بنحت التماثيل التي تجسدها، كما كان يفعل زوجها رمسيس الثاني الذي نحت لنفسه تماثيل في كل مكان، وقد اتخذت «نفرتارى» لنفسها العديد من الألقاب، من بينها «الأميرة الوراثية»، «الزوجة الملكية الكبرى»، و«سيدة الأرضيين»، و«ربة مصر العليا والسفلى»، كما شغلت في ذات الوقت منصب «زوجة الإله».
ويؤكد علماء المصريات أن لقب نفرتاري الأخير كتب مرتين أمام صورتها، في المقبرة الخاصة بها في وادي الملكات.
لم تكن نفرتارى قوية النفوذ في قلب زوجها وحسب، ولكن منحتها سمرتها، الجمال كله لا نصفه فقط، فسميت أيضاً «مليحة الوجه» و«الوسيمة ذات الريشتين». ويعتقد أن زواج الملك رمسيس الثاني ذي الأصول الدلتاوية في شمال مصر بالجميلة «نفرتارى» ذات المكانة المميزة في طيبة، جاء لرغبته في تعضيد مركزه في جنوب الوادي. أما أهم ما يميز معبدها رغم صغر مساحته، فهو جمال رسومه، ووضوح ألوانه، ونقوشه.
نترك الملك رمسيس وجميلته، ونشد الرحال إلى معبد إدفو، ثاني أكبر المعابد الفرعونية بعد الكرنك، ويقع على بعد نحو ١٢٠ كيلو متراً شمال مدينة أسوان، المعبد يحمل اسم مدينة إدفو، التي كان يطلق عليها في العصور الفرعونية اسم «إدبو» أو «دبو» وتعنى «بلدة الاقتحام»، ويقال إنها كانت موقعاً للمعركة الأسطورية، التي دارت بين حورس وست، وانتصر فيها حورس الذي ظل المعبود الأول في المدينة وكان ينسب إلى البلدة فيدعى «بحدتى».
يتميز المعبد إلى جانب ضخامته بروعة تصميمه الذي يعود إلى العصر البطلمي، واستغرق بناؤه ٢٠٠ عام ليكون مقراً لعبادة الإله «حورس» الذي تم تصويره على هيئة صقر، كما تزدان جدران المعبد بنقوش، ورسومات تصور قصة حورس، وانتقامه من عمه «ست» في إطار الأسطورة الشهيرة، التي لا يقف تأثيرها على ذلك المعبد وحسب، ولكنه يمتد لجزيرة إيجيليكا التي صممت على شكل حمامة طافية على سطح الماء، ونقلت إليها آثار جزيرة فيلة التي حاصرتها المياه بعد بناء خزان أسوان في عام ١٩٠٢، والغرق مرة أخرى بعد بناء السد العالي، حتى بدأ المشروع القومي لإنقاذ آثار الجزيرة، وما عليها منذ عام ١٩٧٢.
على تلك الجزيرة عاشت إيزيس وزوجها ملك الأرض، مانح البشرية المعرفة، والفنون، وكيفية زراعة الأرض، ونسج الملابس وصناعة الفخار، حتى قتله شقيقه ست ومزق جثته وفرقها بين البلدان وقامت زوجته إيزيس بتتبع رفاته وجمعها وإعادته إلى الحياة مستخدمة في ذلك قوتها السحرية، وصارت إيزيس ملهمة الديانات في نفوس الكثيرين وقتها، لا في مصر القديمة وحدها، ولكن في اليونان وروما أيضاً، واكتسبت جزيرة فيلة مكانة خاصة، فأطلق عليها البطالمة اسم «الجزيرة المقدسة»، وبنو فيها معبداً لإيزيس في القرن الثالث قبل الميلاد، إلى جانب عدد آخر من المعابد منها «أمنحوتب»، و«حتحور»، بالإضافة إلى عدد من الصروح والنقوش،
ورغم اعتماد المسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي، فإن عبادة إيزيس استمرت في جزيرة فيلة حتى عام ٥٥٠ ميلادية، لتبدأ الفترة المسيحية، وتتحول قاعة الأعمدة بمعبد إيزيس إلى مكان لممارسة الشعائر المسيحية، كما نقلت الأحجار من بعض الآثار لبناء كنائس في الجزيرة، وعندما جاء الإسلام اعتبرت فيلة حصناً أسطورياً، ممثلاً في إحدى قصص ألف ليلة وليلة، واكتسبت اسم «أنس الوجود» تيمنا باسم بطل إحدى هذه القصص.
لا تنس وأنت في النوبة أن تزور آثار منطقة «الكاب» التي أخذت اسمها من اسم آلهة المدينة القديمة «نخبت»، وتصورها النقوش على هيئة طائر العقاب، وتضم عدداً من المعابد الصغيرة، والكثير من المقابر، بينها «النبلاء» و«أحمس ابن آبانا»، و«رنى» و«سيتاو».
درة آثار النوبة المتحف الذي يحمل اسمها في قلب مدينة أسوان، وجمعت فيه آثار من جميع العصور، حلى، أسلحة، أوعية فخارية، وبرونزية، وتيجان فضية مرصعة بالأحجار الكريمة، ومصابيح برونزية، وتماثيل تعبر عن النوبيين وطريقة حياتهم، وطرز منازلهم ذات البناء المميز.
كهف ما قبل التاريخ بنقوشه الصخرية الرائعة، مئذنة على الطراز الإسلامي بشكل يتناسب مع الجبانة الفاطمية بهذه المنطقة.. ويأخذك المتحف في رحلة عبر ٥٠٠٠ سنة من تاريخ النوبة الطويل، إلى جانب ما تحويه تلك الأرض الغنية من الديوريت، والأحجار الكريمة المتنوعة، كما يوجد به آثار من النوبة في الحقبتين المسيحية، والإسلامية، وما يمثلهما من أيقونات، فرسكو، وأدوات وأوانٍ فخارية. وملابس.
أما النوبة في العصر الحديث فتجدها في المتحف ممثلة في الحياة اليومية للنوبيين قبل التهجير، ترسمها السلال المتنوعة من سعف النخيل، وأدوات الري، والزراعة والتعليم وغيرها من مظاهر الحياة.
تعود فكرة إنشاء المتحف إلى الخمسينيات، حينما بدأ البرنامج الدولي لإنقاذ آثار النوبة من الغرق، وكانت البداية مع معبد أبوسمبل الذي تم فكه ونقله إلى مكانه الحالي، توالت بعدها عمليات إنقاذ باقي المعابد الأثرية، وقطع الآثار التي كان يعود بعضها إلى حقبة ما قبل التاريخ، وكان هناك خوف عليها من أن تغمرها المياه،
حيث تم الاحتفاظ بها في مخازن وزارة الآثار على أن يتم إنشاء متحف لتعرض وتحكى المراحل المختلفة لتاريخ بلاد النوبة فيما بعد وليكون بمثابة نموذج مصغر لأوجه الحياة بها قبل أن تغمرها مياه النهر، وهو المشروع الذي تبنته منظمة اليونسكو من خلال حملة دولية للإسهام في بنائه، وقد تم وضع حجر الأساس للمتحف في عام ١٩٨٦، وتم افتتاحه في نوفمبر ١٩٩٧.






النوبة قرن من المرارة (الحلقة الثالثة) النيل.. وجع البعاد




بقلم : نشوى الحوفى 11/2/2009

ترتسم على قسمات وجوههم تعاريج نهر النيل الذي يعيشون إلى جواره، وتعلموا من سريانه منذ آلاف السنين الصبر، فانعكس على سلوكهم، ووجوههم المرحبة دوماً ، ينتظرون مراكب السائحين تأتى إليهم عبر النهر محملةً بالرزق، فيهرعون إليها نساءً، وأطفالاً، ورجالاً، يبيعون لهم ما لديهم من منتجات، ذاعت شهرتها في العالم عبر السياحة، ويمنحونهم فرصة للتمتع بأجواء نوبية طالما كثر الحديث عنها.
ويفرحون بزيارة قد تحمل تصوير فيلم مثل «مافيا» ليشاهدهم المصريون الذين لا يعرفون عنهم شيئاً، سوى أنهم من فصيلة «بكار» تلك الشخصية الكرتونية الشهيرة، أو زيارة فريق برنامج تليفزيوني، مثل «البيت بيتك» يمنحهم مقدمه الشهير، محمود سعد، فرصة استعراض ما لديهم، خلال فترة وجيزة، تظل بالنسبة لهم، ذكرى يفتخرون بها ويتحدثون عنها لمن يأتي لزيارتهم مرة أخرى .
هؤلاء هم سكان النوبة في منطقة «غرب سهيل» التي تقع على بعد كيلومترات قليلة، يمين خزان أسوان، ويعرفون بين أهل النوبة بأنهم من «الكنوز» أو «الماتوكيين» الذين لا يختلفون كثيراً عن بقية أهل النوبة من «الفاديكة»، إلا في بعض تفاصيل اللغة النوبية .
الوصول إلى غرب سهيل، ليس بالأمر الصعب، فهي على بعد دقائق من قلب أسوان، يصعد بك الطريق بعد الدوران يمين خزان أسوان في طريق غير ممهد، تحفه من الجانبين منازل نوبية بسيطة التفاصيل، مختلفة المساحة، تم بناء أغلبها بالطين، ورُشت حيطانها بالجير الأبيض، المزين برسومات، ونقوش نوبية، وما بين المسافات بين المنازل، تتبدى لك صورة النيل في منظر بديع، ويصل إلى أذنيك وأنت تتابع رحلتك صوت الموسيقى النوبية هادئاً كهدوء البيئة المحيطة بك، شجياً كنظرات أهلها الممزوجة بحزن لا تفهم سببه .
بنيت البيوت في غرب سهيل، على تل مرتفع عن شاطئ النيل بنحو ١٠ أمتار، ليكون الصعود من الشاطئ إلى الأرض عبر سلالم صخرية حًُفرت في تكوين التل الطيني، وبأعلى التل تختلط المنازل بمحال بيع الهدايا التذكارية والتحف النوبية، والمنتجات التي تشتهر بها أسوان، كالفول السوداني المحمص على أشعة الشمس، والكركديه، والحناء.
ليس هذا فحسب ولكنك ستجد بعض البيوت انشطرت نصفين من الداخل، جزء منها تم إعداده كمكان لاستقبال السائحين بعد تزويده بالزخارف والمنتجات النوبية، مع توفير مكان لجلوسهم على هيئة المجالس في البيوت النوبية.

ويقدم للسائحين في تلك البيوت ما يتمنون الحصول عليه من شيشة، ومشروبات محلية وبعض العصائر، ليكون مقهى بالمعنى الكامل للكلمة، بينما يبقى الجزء الثاني من تلك المنازل، سكناً لأصحابها يعيشون فيه، من هؤلاء عم عبدالشكور الذي كتب بالإنجليزية على بوابة منزله من الخارج، عبارة «كوش هاوس» أي «بيت كوش»، ينتمي المنزل لبيوت النوبة المتسعة، تزين جدرانه من الخارج رسومات غاية في الروعة لامرأة نوبية تحمل جرتها باسمة، وأخرى لمجموعة راقصة من النوبيين، بينما باب البيت مفتوح للجميع، نتجه صوب عم عبدالشكور للحديث معه، فيتسع وجهه بابتسامة واسعة، بمجرد معرفته أننا صحافة من القاهرة، فيبدأ في الحديث معنا داعياً إيانا للدخول ومشاهدة البيت، ندخل متخطين «مصطبة» عند باب المنزل، ويدلك صاحب البيت على قفص حديدي على يمين الباب من الداخل، فنقترب منه لنرى في داخله تمساحاً لا يتجاوز طوله نصف متر، يخبرنا عبدالشكور أنه اصطاده من وراء بحيرة السد، وهو صغير لكي يزيد من متعة السائحين المترددين على بيته .
أما «مجلسة» السائحين كما سماها عبدالشكور، فهي في مواجهة باب المنزل، تزين مدخلها ستارة من الخرز، والغرفة مصممة على الطريقة العربية، حيث تم فرشها بالكليم، مع وضع وسائد قطنية مكسوة بأقمشة زاهية على الأرض، للجلوس عليها، وعلى الحائط صور مرسومة باليد لطبيعة الحياة في النوبة.
نخرج باحثين عن عم عبدالشكور، فنجده خارج المنزل، يستقبل بعض السائحين الهابطين من مركب سياحي أتى بهم قائده إليه، يتحدث لهم بإنجليزية سليمة، مخبراً إياهم أنه بانتظارهم في المنزل لتناول المشروبات النوبية، بعد انتهاء جولة طلبوها قبل الغروب على الجمال، التي أعدها لهم. يتراجع للوراء حاملاً من زوجته صينية صفت بأكواب الكركديه المثلج، تحية لنا.
«هنا في غرب سهيل الحياة جميلة هادئة، نعيش على تراث الأجداد، ونعتمد كلنا على السياحة، كوسيلة لكسب العيش، استقبال السائحين، توصيلهم بالمراكب والسيارات، صناعة المنتجات التي يحرصون على العودة بها لبلادهم، توفير المكان الجيد للجلوس».
هكذا يتحدث عبدالشكور، الذي أضاف: «السياحة هذا العام ليست كالأعوام السابقة، هناك تراجع نتمنى ألا يؤثر على حياتنا بشدة، لقد عانينا في سنوات الإرهاب الذي أثر على السياحة في مصر، وربنا يستر ويحمينا من الأزمة العالمية».سألته عن طبيعة سكان المنطقة كنوبيين، فيجيب: «نعيش هنا منذ سنوات بعيدة، لم نضطر للهجرة كما حدث مع أهل النوبة الذين كانوا يعيشون عند السد، والبحيرة.

لا ينقصنا شيء لكننا نعانى بعض المشاكل التي طالما شكونا منها دون أن يجيبنا أحد فاعتدنا عليها، كالصرف الصحي الذي لم يفكر أحد في تزويد المنطقة به، وإيجاد فرص عمل للعاطلين منا وخاصة أن السياحة ليست مضمونة، كما طالبنا برصف الطريق المؤدى إلينا بعد الخزان، حتى يسهل مجيء السياح، وتجميل المنطقة. عدا ذلك ليست لنا طلبات، فحياتنا سهلة، نسير معها كما ترسو بنا».
بجوار منزل عبدالشكور، العديد من البيوت التي تجلس أمامها نساء في مختلف سنوات العمر، تنشغل كل واحدة منهن بعمل منتج يباع للسائحين، أغطية رأس للشباب، عقود من الخرز، وما إن يستشعرن باقتراب مركب يحمل السائحين، حتى يسرعن بحمل ما صنعن والوقوف أمام الشاطئ، يحاولن إقناع السائحين بشراء بضاعتهن.
البعض منهن كن يحملن عرائس خشبية ملونة صناعة الصين، وعندما لاحظت دهشتنا من أن يباع في أسوان منتج صيني لسائح، يبحث عن تراث المكان، أجابت ضاحكة: «أنتم ترسلوها إلينا مع التجار من خان الخليلي، ونحن نبحث عن تنوع المنتج لنغرى السائحين بالشراء».
«العديد من الأفلام السينمائية يتم تصويرها هنا في غرب سهيل»، هكذا التقط «حكيم» سائق السيارة التي كانت تقلنا الحديث بنبرة اعتزاز بالمنطقة، وأضاف: «فيلم (مافيا) الذي قام ببطولته الفنان أحمد السقا ومنى زكى، تم تصويره هنا، وكذلك فيلم (أنت عمري)، الذي قام ببطولته هاني سلامة ونيللى كريم، فسحر المكان هنا لا يقاوم».
عندما تزور منطقة غرب سهيل، التي يعيش بها بعض من أهل النوبة، تعرف سبب تعاسة النوبيين في قرى التهجير، التي قد تكون منازلها وطرقها، أفضل حالاً من نظيرتها في غرب سهيل، السبب هو ذلك الخالد الذي يسرق العقول والقلوب معاً منذ آلاف السنين، فمن زار أسوان يعرف أن النيل هناك، غير النيل في القاهرة والدلتا، لا في لون المياه، ولكن في هيئته التي تشعرك، وهى تعبر بين شاطئيه والصخور الجرانيتية، أنه بالفعل النهر الخالد، الذي يمنح القاطن على ضفافه، حتى ولو كان في عشه من البوص، الراحة والسكينة،
فالنيل لدى النوبي، ليس مجرد مجرى مائي، بل هو شريان حياة يمر في قلوب النوبيين، مذكراً إياهم بماضيهم، وراسماً حاضرهم، ومزوداً خيالهم بكل ما هو خصب .
النوبي شخصية عشقت منذ وجودها السفر والتنقل، سعياً وراء الرزق، ولكنه لم يعشق الغياب الطويل عن الأحبة والأهل، ولذا كان النيل بالنسبة إليه شبكة المواصلات، التي توفر له الانتقال عبر مراكبها الشراعية، من الجنوب للشمال، وبين قرى النوبة المزروعة على شاطئ النيل لمسافة تقترب من نحو ٣٥٠ كيلو متراً، وتكون العودة بعد الغربة والسفر، مرة أخرى للجنوب محملاً بالصناديق والكراتين المملوءة للأحبة بالهدايا والملابس، والشاي والسكر، والمواد الغذائية .
«البوستة» هو الاسم الذي أطلقه النوبي على المراكب التي تجوب النيل بين القرى المختلفة، تأتى مطلقة «صفارة» الوصول، فتقف على شاطئ كل قرية تنتظر من يركب بها، وسط وداع محبيه ودموعهم، ومن يترجل منها منطلقاً إلى أحضان الأحبة المستقبلين له.
كانت رحلة البوستة من الشلال في أسوان، وحتى دنقلة في السودان، تمر عبر ثلاث محطات، المحطة الأولى هي منطقة «الكنوز»، ثم محطة «العرب»، ثم محطة «الفديكات»، التي تتصل بدنقلة بالسودان. ومع ما منحه إياه من مياه يشربها، ويزرع منها، ويتنقل عليها، وأرض يسكنها، كانت تلك العلاقة بين النوبي ونيله، الذي تغنى به غناء العاشق.

اللغة النوبية .. شفرة النصر في حرب أكتوبر

بقلم : نشوى الحوفى 11/2/2009

«ماسكا فيونا»، «بييس»، «نو»، «يو أندى»، «بان إيسى»، «وينجى»، تلك هي بعض من مفردات اللغة النوبية، وتعنى حسب ترتيب كتابتها، «صباح الخير»، «أخ»، «جد» و«أمي» و«عمة»، أما الأخيرة فتعنى «نجم»، حيث يصف خبراء اللغة النوبية، بأنها طبقات متراكبة من كل لغات حوض نهر النيل، والكتابات المصرية عبر تاريخها منذ الهيروغليفية والديموطيقية، مروراً باللغة اليونانية القديمة، انتهاءً بالعربية.
ويقول عنها أهلها، أنها باتت، رغم تراجع التحدث بها من قبل الأجيال الحديثة، أقدم لغة متكلمة ومكتوبة، في تاريخ البشرية بعد اندثار الفرعونية والقبطية القديمة، يصرون في النوبة، سواء أكانوا من الكنوز أو الفديكا، على التحدث بها حفاظاً على بقائها، بعد انتشار الحديث بلهجة باقي المدن المصرية.
تعرف الموسوعة العالمية للغات، اللغة النوبية بأنها لغة نيلية صحراوية، يتحدث بها سكان جنوب مصر وشمال السودان، ويبلغ عدد الناطقين بها، نحو مليون نسمة.
ويقول المؤرخون إنه عندما عرفت بلاد النوبة الدين المسيحي، واعتنقه أهلها، كانوا بحاجة إلى ترجمة الإنجيل إلى لغتهم كي يفهموه، فاستعاروا حروف اللغة القبطية، التي أخذها المصريون من الحروف اليونانية، وأضافوا إليها بعض حروف اللغة الديموطيقية، لتصبح اللغة النوبية لغة قراءة وكتابة، بعد أن كانت لغة تخاطب فقط.
وهو ما استمر حتى القرن الخامس عشر الميلادي، حين أخذت اللغة العربية التي يتحدث بها المسلمون في الانتشار، حيث كانت القبطية هي السائدة .
وعلى الرغم من انتشار العربية، فإن النوبيين حافظوا على لغتهم ومفرداتها فيما بينهم، فإنه من النادر أن تجد من يكتبها الآن.
ويقسم النوبيون في جنوب مصر لغتهم إلى لهجتين حسب تصنيفهم لأنفسهم، فهناك لهجة نوبة الكنوز، ولهجة نوبة الفديكا، والاختلافات بينهما ناشئة عن أصل كل من اللهجتين، كما يقول خبراء اللغة النوبية، فيعود أصل «الكنزية» إلى اللهجة «الدنقلاوية» نسبة إلى دنقلة في السودان، بينما يعود أصل «الفديكا» إلى اللهجة «المحسية»، التي كان يتحدث بها سكان شمال السودان.
ويرى بعض المتعصبين لتاريخ النوبة ولغتها، أن تراجع استخدام اللهجات النوبية، وانقراض بعضها الآخر، نتج عن عمليات التعريب القسرية التي تعرضت لها بلاد النوبة، وهو زعم يجافى الواقع، حيث تؤكد الشواهد التاريخية لدى النوبيين أنفسهم، أن لغتهم مرت بالعديد من محطات التطور، نتيجة وفود العديد من الأجناس على تلك المنطقة، بدءاً من الفرعونية القديمة انتهاءً بالعربية،
كما أن سيادة لغة على أخرى كان دوماً يرتبط بالديانة التي يؤمنون بها، وهو ما يؤكده دكتور ميلاد حنا، الذي يرى أن استخدام اللغات واللهجات في العالم كله يأتي حسب احتياجات المتكلمين بها.
ويكفى اللغة النوبية وأهلها فخراً، أنها وكما قال الكاتب محمد حسنين هيكل في إحدى حواراته في الجزيرة، كانت لغة الشفرة في حرب أكتوبر ١٩٧٣.
وفشل العدو الصهيوني في فك رموزها، ويكون للنوبيين فضل المساهمة في نصر أكتوبر. وأخيراً لا نملك إلا القول:«ماسكا جرو» التي تعنى بالنوبية «السلام عليكم».





حُلي المرأة النوبية .. زينة أسطورية لنساء يشبهن الأساطير





بقلم : نشوى الحوفى 11/2/2009

ملكة متوجة دون عرش، تعامل بذات التقدير الذي كانت تتمتع به جداتها من ملكات الفراعنة في الماضي، تعشق الجمال البادي عليها وعلى أسرتها، ولذا كانت لها خصوصيتها في حليها، وملبسها، وزواجها أيضاً.
حُلي المرأة النوبية ليست مجرد قطع من الذهب أو الفضة، كتلك التي تتزين بها النساء، ولكنها قطع تحكى تاريخ تطور، وإبداعات بشر عشقوا الجمال في كل شيء، حتى في حُلى المرأة.
وتتنوع أسماء تلك الحُلي، سالبة عقل المتتبع لها، ما بين «الجكد»، و«الزمام»، و«الكردان»، و«الزيتوني» وغيرها من الأسماء، التي تزيد بشرة سمراوات النوبة، تألقاًً وبريقاً تحت لمعان حليهم الذهبية، مما جعل مصممة الحلي والمجوهرات المصرية الشهيرة عزة فهمي تصفها بالقول: «حلى النوبة كنز من كنوز الحلى في مصر».
«القرط» أو «الحلق» بلغتنا الدارجة، هو الأكثر شيوعاً بين النساء هناك، تمتلكه الفقيرة والغنية.
ولذا يتنوع اسمه وتصميمه أيضاً، فهناك «القرط البلتاوى» أو «الزمام»، ويتخذ من الهلال تصميماً، تزينه الزخرفة النوبية التقليدية، من خلال مثلثات متجاورة في صفين، مصنوعة بطريقة النقش بالأقلام، أو المقاطع في خطوط غائرة، والمساحات الناشئة بين المثلثات تكون هي الأخرى مثلثات.
ويعتبر هذا القرط من الحلى الأولية في بلاد النوبة، وكان يصنع حتى وقت قريب من الفضة، ولكن بعد هجرة النوبيين عقب بناء السد العالي، اختفى القرط الفضة، وتحول إلى ذهب.
هناك أيضاً «أوكن تميم» أو «قرط الفدو»، وهو قرط ذهبي على شكل الهلال أيضاً، ولكنه أصغر حجماً ووزناً، من أقراط «البلتاوى»، ويُعلق في أعلى عظمة الأذن. ويزخرف الهلال بثلاثة صفوف متتالية من المثلثات المحفورة، في وسطها تاج، تحيط به من الناحيتين أوراق أغصان نباتية وزهور.
أما «قرط عكش» فهو قرط مزخرف برموز وزخارف بارزة، ترى في وسطها طاووسين متقابلين، بينهما صف رأسي من ثلاث وحدات شبه هندسية، على قمتها، سعفة نخيل.
ويبدع النوبيون في زينة نسائهم فلا ينسون الرأس، تاج المرأة وقمة زينتها، فيصنعون «حلية الشاوشاو» من الفضة لتعلق على جانبي الرأس، فتسدل بجوار الأذنين حتى تصل إلى الأكتاف، ويصل بين طرفي الحلية، شريط يمر ويثبت فوق الرأس.
الأجيال الحديثة لا تمتلك تلك الحلية الفضية، ولكنهم قلدوها بأخرى صنعوها على شكل أشرطة من الخرز، تعلق في الشعر وتتدلى على جانبي ومؤخرة الرأس حتى الأكتاف.
وفى حُلي نساء النوبة ما يعرف باسم «فضة الرحمن» وهى حلية ذهبية للجبهة، مزخرفة يتم ارتداؤها مع حلية أخرى للرأس تسمى «الرسان» وهى عبارة عن سلسلة، تتدلى منها ١٢ وحدة صغيرة بشكل مخروطي تشبه كل منها زهرة اللوتس، وفى أسفلها هلالان متجاوران، تعلو كلا منهما نجمة صغيرة.

ولا تنسى اليد النوبية إبداع حلى العنق، ومنها «قلادة البيق» وهى قلادة تشبه الكردان إلى حد ما تصنع من عيار ٢١ وتتكون من ٦ خطوط مسطحة مخروطية الشكل، عليها رموز وزخارف بارزة لأهــلة ونجــوم، تتوسط الجزء الأعلى منها نجمة خماسية، وفى وسط القلادة دلاية مستديرة عليها تشكيل بالبارز، تسمى «ما شاء الله»،

ويأتي الحديث عن خلخال القدم الذي يسمى بالنوبي «الحجل» ويصنع من الفضة على شكل دائرة مفتوحة عند طرفيها تزينه بعض النقوش الغائرة، أما طرفا الخلخال، فهما عبارة عن رأسين كل منهما مكعب أجوف مشطوف الزوايا، يشبه الحبة المثمنة.

وتتأتى الخصوصية الثانية لدى المرأة النوبية في ملبسها، الذي يتميز بقطعة تطلق عليها «الجرجار»، وهو عبارة عن رداء شفاف من قماش الشيفون أو الدانتيل الأسود المطرز يمتا بأكمام واسعة، وطويلة تتجاوز رسغ اليدين، وينتهي بأطراف «مكشكشة».
يزيد طول الجرجار من الخلف، ليدارى أقدام المرأة النوبية عند السير به، بينما لا يتجاوز طوله كعب المرأة من الأمام. وللجرجار طرحة من نفس نوعية القماش المصنوع منه، طولها متران وتلف حول الرأس فتغطى الكتفين والصدر، وتظهر دائرة الوجه فقط.
«وفاء» ابنة شقيقة عم دهب أكدت لنا حرص المرأة النوبية على ارتداء الجرجار خاصة في المشاوير البعيدة، فهو جزء من حشمتها وثقافتها، مشيرة إلى أن سعر القماش الخاص بالجرجار، يتجاوز ٢٠٠ جنيه، بينما تتكلف الخياطة ٣٠ جنيهاً.
ورغم استمرار «الجرجار» كسمة من سمات ملابس النساء في النوبة، فإن هناك تراجعاً واضحاً، على حد وصف النساء الكبيرات، في ارتدائه من قبل شابات النوبة وذلك لعدة أسباب، أهمها غلاء سعره مقارنة بسعر العباءات الخليجية التي باتت تفضلها نساء النوبة لتعدد تصميماتها .

النوبة .. قرن من المرارة (الحلقة الرابعة والأخيرة) قضية انفصال النوبة
هل تحاسبون المذبوح على صراخه؟
بقلم : نشوى الحوفى 16/2/2009

هل يبحثون بحق عن انفصال، وإقامة منطقة حكم ذاتي؟ سؤال يطرح ذاته على سكان النوبة، خاصة في قرى التهجير، التي انتقلوا إليها عقب الشروع في بناء السد العالي، حيث يخرج بين الحين والآخر صوت نوبي يعيش في الخارج، ينادى بحقوق النوبيين الضائعة، وما تعرضوا له من ظلم واضطهاد على مدى تاريخهم.
في النوبة الطيبة، يشكو السكان من التجاهل، والإهمال، وعدم تقدير تضحياتهم، ولكنهم ينفون بشدة ما يتردد عن رغبتهم في الانفصال، أو تكوين حكم ذاتي مع النوبة السودانية، فيردون على من يسألهم ذلك السؤال بالقول: «وأين لنا بإمكانات دولة؟ وهل لنا بلد غير مصر؟ أصولنا، رغم اختلاف العادات والتقاليد عن غيرنا من المناطق في مصر، تنتمي للطين المصري، نحن أصل الحضارة هنا ونحن الذين بنيناها، فكيف ننفصل عنها؟» أسئلة منطقية تنفى كل ما يتردد على ألسنة البعض في الداخل والخارج أيضاً، عن رغبة أهل النوبة في الاستقلال بحكم ذاتي.

حجاج أدول، أديب مصري من أهل النوبة، ولد في عام ١٩٤٤ وله العديد من الأعمال التي حازت التقدير، لكن شهرته لم تكن بسبب موهبته الأدبية وحسب، بل جاءت بما أثاره أيضاً من جدل، حين نسبت إليه بعض الصحف تصريحات عن مطالبته بإقامة حكم ذاتي لبلاد النوبة، تجمع شمال السودان وجنوب مصر، إلى جانب مشاركته في المؤتمر الذي نظمه المهندس عدلي أبادير لأقباط المهجر في واشنطن، مندداً بما يتعرض له النوبيون من اضطهاد، وهو ما دعا بعض الكتاب إلى المطالبة بفصله من اتحاد الكتاب المصري، لكنه دافع عن نفسه بالقول: " لم أشارك في مؤامرة لتدويل قضية النوبة كما ادعى البعض، فالمؤامرة حدثت مع تهجير النوبيين وتوطين غيرهم في الستينيات " .
والسؤال: لماذا أعادت الحكومة المصرية مهجري قناة السويس، وترفض إعادة النوبيين؟ ألسنا مواطنين مصريين مثل غيرنا! حتى عندما منحت اليونسكو أموالاً للحكومة المصرية لإعادة توطين النوبيين، أنشأت الحكومة ١٨ قرية في الموطن النوبي وأسكنت بها غير النوبيين؟ ألا يُعد هذا اضطهاداً؟ وما العيب إن شاركنا في مؤتمر وطني قبطي، محوره الأساسي كان يدور حول «الديمقراطية في مصر للمسلمين والمسيحيين، واتصالها بالديمقراطية في الشرق الأوسط»، حضره أغلب الأقليات بالشرق الأوسط، حتى من السنة والشيعة، أي أنه كان مؤتمراً وطنياً.

يقول أدول: لا يعلم الكثيرون أن النوبيين يشكون من أوضاعهم منذ عام ١٩٤٧، ولكن لم يلتفت إليهم أحد، وحين تكلمت عن حقوقنا النوبية، في مؤتمر الأقباط بواشنطن، قامت الدنيا ولم تقعد وحاولوا تلويث سمعتي بالأكاذيب، مرددين أنني أنادى بالانفصال، وهو اتهام أنا منه بريء، فأنا من رفع شعار «النوبة وصل لا فصل»، وأنا من كتب أن النوبة هي «الواو» النوبية التي تجمع مصر والسودان، وأنا من قلت: لا يكفينا دورنا النوبي في تكامل شعبي وادي النيل السوداني والمصري، بل علينا أن نمهد ثقافيا مع جميع شعوب حوض النيل، لتشجيع الاقتصاد المشترك، لأن هذا سيزيد من ارتباطنا بشعوب حوض النيل، فيؤمنون لنا المياه. فهل في ذلك انفصال؟ لقد سئمنا من وعود تقال لنا على سبيل التهدئة، أتحاسبون المذبوح على صراخه؟ نحن مواطنون مثلنا مثل غيرنا.
تحت شعار «النوبة بين التوطين والتطوير»، اجتمع في أبريل ٢٠٠٧، عدد كبير من النوبيين على مدى ثلاثة أيام في أحد فنادق الجيزة، في مؤتمر كان الأول من نوعه، ليناقشوا مشكلاتهم. نظم المؤتمر المركز المصري لحقوق السكن، بتمويل من إحدى المؤسسات الألمانية المعنية بالشأن النوبي، بلغ ١٨٠ ألف دولار، حضر النوبيون، وغابت الأطراف الحكومية التي دُعيت للمشاركة فيه، وهو ما دفع البعض للتساؤل عن أهداف منظمي المؤتمر ومموليه من تنظيمه، إلا أن منال الطيب رئيسة المركز أكدت وقتها أن الأمر ليس به أي أهداف،
وأن المركز شأنه شأن العديد من الجمعيات الأهلية، التي تتلقى الدعم والمساعدة من قبل منظمات عالمية، تسعى لمنح الإنسان حقوقًا يعجز عن الوصول إليها، مؤكدة أن المركز يخضع لإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، وليس بعيدا عن أعين الحكومة، وأن سبب تنظيم المؤتمر، تلقى المركز شكاوى أسر نوبية تطالب بحقها في إعادة التوطين في قراها بجوار السد.

عندما تتحدث مع أهل النوبة سواء من يعيشون في قرى التهجير، أو على ضفاف النيل كسكان غرب سهيل، تشعر بحنينهم للماضي الذي كانوا فيه شعباً واحداً في مصر والسودان، في علاقة يصعب تفسيرها إلا في ضوء إحساسهم بانحدارهم من سلالة واحدة، ووجود جذور عائلية مع سكان النوبة في شمال السودان. ولكنهم لا يتكلمون عن بلد غير مصر، وهو ما يفسره الكاتب والمفكر دكتور ميلاد حنا، بالقول: «من حق النوبيين أن يكون لهم خصوصية ثقافية، يرتبطون فيها مع نظرائهم في السودان، وهذا طبيعي نتيجة موروث ثقافي يمتد لآلاف السنين، ولكن هناك استحالة قيام دولة نوبية كما يرى البعض، لأنه لا تتوافر لها أي مقومات سكانية، أو موارد اقتصادية لقيامها».
يلتقط طرف الحديث الأديب النوبي حجاج أدول، ليؤكد أن النوبيين ليسوا مجرد أقلية، ولكنهم من الشعوب الأصلية الذين - وحسب مواثيق الأمم المتحدة - لهم حق العودة إلى موطنهم مادام سبب التهجير قد زال، مفسراً زيادة ما يشعرون به من غبن بالقول: «النوبيون أقلية، تختلف عن بقية الأقليات في مصر»، ويضيف: " لقد هُجر النوبيون من موطنهم، في حين أن بدو سيناء ورغم ما يعانونه من مشكلات، مازالوا في موطنهم، في حين أن خصوصية النوبة تأتى من علاقتهم بالنيل الذي نشأوا على ضفافه منذ آلاف السنين، وأجبروا على الرحيل عنه، ويعجزون عن العودة له، لذلك عذاباتنا أعمق من الأقليات الأخرى. فهوية النوبي نيلية، كسكان غرب سهيل الذين لم تزل نفوسهم رطبة بمياه النيل، ومن دونه يفقد النوبي الكثير، وطردنا لصحراء تابعة لأسوان كان كحكم القتل بالنسبة لنا، ولا نتمنى سوى العودة لموطننا الحقيقي جنوب السد ".

مسعد هركى، أحد أبناء النوبة، الذين شقوا طريقهم خارج أرض الذهب، ونجح في أن يكون واحداً من رجال الأعمال، يرى أن هناك مبالغة في مشاعر الاضطهاد التي يعلنها البعض، بين الحين والآخر من أبناء النوبة،

ويضيف: " ربما لطبيعة النوبي الصادقة التي لا تعرف الكذب في الحديث، والتي ترى كل شيء إما أبيض أو أسود، يأتي هذا الإحساس الغارق في الظلم، وخاصة مع الابتعاد عن أراضى الأجداد وهى تعنى الكثير للنوبيين، ولكن مشكلة النوبيين أنهم لم يخرجوا خارج إطار النوبة، ليعرفوا أن ما يعانون منه يعانى منه معظم قرى مصر، وأنه لا يوجد تمييز ضدهم كما قد يصور البعض، والدليل بدو سيناء الذين يشعرون بنفس المشاعر ولديهم الكثير من المشاكل، وأهل الصعيد الذي يعانى من الفقر والتهميش. المشكلة ليست في النوبة ولكنها في الأوضاع السيئة التي لا تجد لها أي حلول في مصر ".
النوبيون في الجنوب يؤكدون أنهم لم ولن يفوضوا أحداً بالحديث عنهم، في أي مطالب بالانفصال، ولكنهم يتعجبون من حجم التجاهل الذي يتعرضون له، مستشهدين بالعديد من المواقف التي ترسخ لديهم ذلك الإحساس، ومن بينها توصيات لجنة الإسكان والمرافق بمجلس الشعب عام ١٩٨٥، وكان يرأسها الدكتور ميلاد حنا، وكانت قد أوصت بإيجاد حلول لمشكلات التربة، والتصدعات في المنازل، والصرف الصحي، والبطالة، لكن أحدا لم يلتفت لتلك التوصيات وكأنها لم تكن ليظل حالهم كما هو، إلى جانب عدم الأخذ بآراء لجان الحصر والتوزيع، في مراقبة التنمية الريفية بكوم أمبو عام ١٩٩٣ ، والتي ألزمت الأهالي بتقديم الأرقام المسلسلة للتعويضات التي تسلموها في الستينيات، لإثبات الملكيات في النوبة القديمة،‏ فقدموها مرفقة بالشهادات المطلوبة، وعلى الرغم من مرور نحو ١٥ عاماً فإن شيئاً لم يتغير.
ويقول عم دهب: «لنا مطالب نتمنى أن تجد من يسمعها، في مقدمتها إعادة تقييم التعويضات الهزيلة التي صرفت للمهجرين فهل يصدق أحد أن تكون قيمة مركب ٥٠ جنيهًا، والنخلة ١٠ قروش حتى لو كان هذا في زمن الأسعار الرخيصة، نطالب بتخصيص الأراضي المستقرة شاطئيًا حول بحيرة السد العالي وما حولها دون مقابل للنوبيين الذين كانوا يقيمون فيها قبل بناء السد، وتحويل منطقة التهجير الحالية المعروفة باسم (نصر النوبة) إلى منطقة عمرانية، وتشغيل الشباب النوبي العاطل في مشروعات إنتاجية للقضاء على ظاهرة البطالة، فهل يستكثر المسئولون تلك المطالب علينا؟».
التهجير والابتعاد عن أحضان النيل ليس وحده ما يزعج النوبيين، ولكن يحزنهم ذلك التهميش الإعلامي، والثقافي والاجتماعي لهم، وهو ما يقول عنه جمال محمد - ٧٣ عاماً -: «منذ عامين مرض ابن عمى، واضطر للسفر للقاهرة لإجراء عملية جراحية في مستشفى مصر للطيران، وفى أحد الأيام قمت بالاتصال به للاطمئنان عليه، فوجدت عامل التليفون يسألني عندما لاحظ تغير لهجتي عما إذا كنت سودانياً، فأجبته بأنني من النوبة، فرد على بقوله: «يعنى من السودان» يومها حزنت، فلم يكن الوحيد الذي يقول لي هذا الكلام، وللأسف فإن بعض المصريين يروننا أفارقة، غرباء عنهم، لا تجد أعمالاً تليفزيونية تعبر عنا، وعن حياتنا، غير مسلسل كارتون الأطفال بكار .
«ناويين لما نرجع تاني، لبلاد الجمال الرباني، جوه البيت نزرع نخلة، تطرح خير وتعمل ضله، والعصافير تلقط غلة، في الحوش الكبير والرملة، جار الساقية في العصرية، نحكى حكاوي، والأفراح حتملاء الناحية ويا غناوي، مشتاقين يا ناس لبلاد الدهب...للنوبة».. تلك أشعار أهل النوبة في قرى التهجير، وأحلامهم أيضاً.

البيت النوبي .. قباب وشمس وهواء وزخارف وزينة ونظافة

بقلم : نشوى الحوفى 16/2/2009

هو تحفة معمارية ببساطة تصميمه، وطلائه المميز بنقوش تجمع بين كل العصور التي عرفتها الحضارة المصرية، وتكوينه الذي لا يرتفع عن سطح الأرض سوى بطابق واحد، وفنائه الداخلي الذي يحتضن غرف المنزل في خصوصية تضمن لساكنيه الرحابة، والحياة المريحة.
ذلك هو البيت النوبي الذي جابت شهرته العالم ليصبح تصميمه واحداً من التصميمات التي يلجأ إليها عشاق التجديد، بدءاً من المعماري المصري الراحل حسن فتحي، الذي استمد بعض فكره من هذا الطراز، انتهاءً بالمعماري الأمريكي الشهير مايكل جريفث، مصمم مدينة الجونة المصرية بالغردقة على الطراز ذاته.
في الماضي كان البيت النوبي يقام على سفح الجبال أو قمتها، ليكون بعيداً عن مجرى فيضان نهر النيل، كانت الحجارة والرمل والطين هي مكونات بناء هذا البيت، الذي تتفاوت مساحته تبعاً للأرض المقام عليها، بينما كانت جذوع وجريد النخل وسيلة النوبي لتشييد سطح بيته، على هيئة قباب من الطوب اللبني تشبه أنصاف البراميل.
وهو ما جاء في وصف الرحالة «ديتون» لعمائر النوبة، أثناء الحملة الفرنسية على مصر عام ١٧٩٨، حيث ذكر أنها تمتاز بالروعة في مظهرها، وتتناسق عمارتها، برغم إقامتها من اللبن الممزوج بجريد النخيل وجذوعه.

كان للبيت النوبي القديم سور خارجي، به بوابة من الطوب اللبن، تعلوها باكية يغلقها باب خشبي، حيث تقودك تلك البوابة لفناء مكشوف، تحيط به غرف الدار من جميع الجهات، ولا يزال البيت النوبي رغم موجات التحديث يحتفظ بطرازه المميز، حيث يتم بناء الجدران الخارجية للبيت النوبي على قطعة مربعة أو مستطيلة من الأرض، تتسع لصحن داخلي تتوسطها مكونات الدار وهى، مدخل البيت،
ويوجد به المندرة المخصصة لاستقبال الضيوف، ثم الفناء الذي يعرف في النوبة باسم «الحوش السماوي»، وتحيط به غرف النوم التي يطلقون عليها «القباوى»، يجاورها في أحد الأركان «المخزن» الذي يحتوى على كل احتياجات المنزل من غلال، ثم المطبخ الذي يعرف في النوبة باسم «الديوكة»، ثم الحمام، وفى مواجهة بوابة المنزل في الفناء ترى «المزيرة» الخاصة بوضع «أزيار» الماء، وتضم «المزيرة» النوبية ٣ عيون يوضع بكل منها «زير» مخروطي الشكل.

وللبيت النوبي باب رئيس خاص بدخول النساء والخروج منه، دون المرور بجوار المضيفة، يعرف هذا الباب عند عرب العليقات باسم «نقادة»، وعند الكنوز والفديجا، باسم «السر». ويتجسد عشق النوبي للألوان والزخارف في تصميم بيته، حيث تزين جدران المنزل من الخارج بنقوش شبه غائرة، تجمع بين الأشكال الهندسية، وصور الكوكب والنجوم. كما يلجأ النوبي في تزيين بيته لاستخدام أطباق خزفية ترشق في الجدران، وتحمل غالباً اللون الأبيض أو الأزرق، وهما لونان يحملان دلالات تراثية لدى النوبي، لمنع السحر والحسد.
ومن الممكن أن ترى في أعلى بوابات البيوت النوبية غزلانًا أو تماسيح أو طيورًا محنطة. ولا تخفى عليك لمسات المرأة النوبية عند دخولك البيت هناك، فالنظافة الشديدة هي العنوان الأول في كل البيوت، يليها الاهتمام ببعض التفاصيل التراثية التي تتضح معالمها في سلال الخوص، وأشغال الخرز، وأكلمة الصوف التي تزين الأرضيات بألوان غاية في الإبداع، إلى جانب لوحات جدارية يرسمونها على الحائط لتجسد حياة النوبيين اليومية.

عندما سألوا المعماري حسن فتحي عن سر اهتمامه بالطراز النوبي وتبنيه له، أجاب أن السبب يكمن في «أنه وجد فيه الحل المناسب، إن لم يكن الأمثل لمشكلة شديدة الإلحاح، هي توفير بيت لكل فلاح فقير في الريف المصري، بتكلفة اقتصادية منخفضة تناسب دخل هذا الفلاح، على ألا تنتقص هذه التكلفة المنخفضة من حقه في أن يكون له بيت متين وواسع ومريح وجميل».

أدرك حسن فتحي فطرة النوبيين في البناء والتشييد والتصميم، كما لو كانوا من كبار المصممين، حيث إن البيت النوبي يستمد تهويته وإضاءته من فناء داخلي تنفتح عليه نوافذ البيت من الداخل، وهو ما يحمى أهل البيت من الأتربة والتيارات الهوائية الشديدة، بالإضافة إلى توفير الفناء عنصر الخصوصية للبيت وحرمته التي تتوافق مع القيم الأخلاقية لساكنيه.
المقارنة بين مساحة البيت النوبي القديم، ومساحة المنازل التي بنتها الحكومة في قرى التهجير، قد تعطيك بعض الإجابة عن سبب رفض النوبيين ممن تم تهجيرهم تلك البيوت، فالبيت النوبي القديم كما في منطقة غرب سهيل على سبيل المثال، تتراوح مساحته بين ٥٠٠ و٢٠٠٠ متر، بينما البيت في قرى التهجير لا تزيد مساحته على ٣٠٠ متر. ولكن أيا كان مكان المنزل سواء على النيل أو في كوم أمبو التهجير، يظل البيت النوبي ذا سحر خاص لا تستطيع مقاومته.

وفي نهاية هذه المقالات أو الكلمات الجميلة والمقابلات والذكريات التي تم سطرها بواسطة أهالي النوبة سواء من الكنوز أو الفاديكات فكلنا من النوبة أرض الذهب ... وأتقدم بالشكر إلى نشوى الحوفي وأسرة جريدة ( المصري اليوم ) على هذا المجهود الرائع والجميل .. ولهم جزيل الشكر .


والله ولي التوفيق ،،،

أحداث عن النوبة






أحداث خاصة بالنوبة حدثت ما بين عام 2006 وعام 2007



عن موقع مصراوي في 29/10/2006
سفارة مصر في واشنطن تقيم معرضا للصور عن النوبة

واشنطن (رويترز) - أقامت السفارة المصرية في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الجمعة (27 أكتوبر 2006) معرضا للصور الفوتوغرافية عن الحياة في النوبة في مسعى لإبراز الثقافة النوبية غير المعروفة نسبيا رغم أنها جزء من الثقافة المصرية .
ويقدم المعرض أعمال المصور الصحفي حسين فتحي حسين رئيس قسم التصوير بجريدة الأهرام اليومية .
وكثير من الصور المعروضة التقطها والد حسين المصور الصحفي الراحل فتحي حسين الذي كان يعتزم قبل رحيله تأليف كتاب عن تاريخ النوبة .
وقال حسين فتحي لرويترز أن المعرض نوع من أنواع الوفاء لوالده حيث كانت من أمنياته أن يخرج هذا المعرض خارج مصر .
وذكر السفير المصري لدى واشنطن نبيل فهمي أن المعرض يهدف لإلقاء الضوء على وجه للثقافة المصرية لا يحظى بقدر كاف من الاهتمام .
وقال السفير "الحضارة المصرية حضارة منتشرة في العالم معروفة لدى الجميع. وإنما التصور العام أنها حضارة فرعونية فقط وأخيرا الحضارة العربية وأحيانا الحضارة الإسلامية . فالسفارة رأت إظهار مختلف جوانب الحضارة المصرية للمجتمع الأمريكي . هناك معارض مختلفة عملنا ورأينا أن الحضارة النوبية والعنصر النوبي في الشخصية المصرية عنصر لم يأخذ حظه ونصيبه في الشخصية الثقافية والعملية" .
وكانت السعادة بادية على زوار المعرض الذين كان معظمهم أمريكيون من أصل نوبي .
وقالت طالبة تدعى هبة (23 عاما) "لا تتاح لنا الفرصة لعرض ثقافتنا لذا أعتقد أنه بالقطع أمر يشعرنا بالفخر" .
وساعدت جمعيات نوبية في واشنطن السفارة المصرية في تنظيم المعرض .
وقال حسام أحمد رئيس الجمعية الخيرية النوبية في واشنطن "ما نحاول تحقيقه في الواقع هو مجرد نوع من الاعتراف ونوع من أعلام الجمهور هنا في أمريكا على الأقل بأن هناك ثقافات متعددة في مصر. وفي مصر أيضا فأن تقديم الثقافة النوبية أمر حديث نسبيا . لذا فهذا هو الأمر الرئيسي .. مجرد تقديم والاعتراف بأن هناك مجموعات متنوعة للغاية من الناس داخل مصر تصنع هذا الكل الذي يمكن أن تسموه النسيج المصري إذا شئتم " .
وعرفت منطقة النوبة التي تمتد من جنوب مصر اليوم إلى مناطق شمال السودان واحدة من أقدم الحضارات في العالم .
وكانت مملكة النوبة الأفريقية القديمة التي ترجع إلى ما قبل التاريخ تتحكم في طرق التجارة الرئيسية من وسط أفريقيا إلى البحرين الأحمر والمتوسط .

عن موقع مصراوي يوم 5/1/2007
صدام وشيك بين النوبيين والحكومة بسبب ممتلكاتهم المصادرة

مصراوي- خاص - تسود أوساط المجتمعات النوبية حالة تمرد على سياسة الدولة تجاههم تنذر بكارثة قومية جراء ما وصفوه بالتفرقة في المعاملة والوعود التي تلقتها من قبل الدولة بخصوص أراضيهم الموجودة خلف السد العالي والتي قالوا أنها تم اغتصابها بحجة "المنفعة العامة ".
وصرحت مصادر نوبية أن هذه التفرقة من شأنها زيادة حالة الاحتقان عند النوبيين مما وصفوه بسوء المعاملة الحكومية مما يؤدي لحدوث كارثة .
من جانبه ، قال مسعد هركي رئيس نادي النوبة العام لموقع مصراوي أن هناك مؤامرات تحاك بالنوبيين للإيقاع بنا في مواجهة الحكومة عن طريق استثمار تصريحات البعض المعارضة لسياسة الدولة مما تجعل المواجهة قريبة وحتمية .
وأضاف هركي أن بعض الصحف المستقلة والمعارضة استغلت مؤتمر النوبيين الأخير للترويج لفكرة الرغبة النوبية للعودة إلى أراضيهم خلف السد العالي وهو ما نرفضه جميعا .
وحول مطالب النوبيين قال هركي أننا كنسيج واحد من الشعب المصري نطالب بحسن المعاملة وعودة أرضينا بدلا من إهدائها للمستثمرين بأبخس الأسعار .

عن موقع مصراوي : يوم 26/4/2007
اتهام القيادات النوبية بالعمالة والسعي للانفصال عن مصر

القاهرة - مشادات على الهواء واتهامات بالعمالة لأمريكا والسعي للانفصال عن مصر شاهدتها حلقة مساء يوم السبت الماضي من برنامج العاشرة مساء في قناة دريم والتي تناولت أحوال النوبيين في مصر النوبية، ورصد خبير جمال أحد القيادات النوبية التطور التاريخي لأزمة أهل النوبة منذ البدء في بناء خزان أسوان عام 1902 مرورا بعمليات زيادة ارتفاع الخزان عامي 1933 و1936 وانتهاء ببناء السد العالي .
وقال: تم تهجير النوبيين إلى الشمال ومنحهم تعويضات هزيلة لا تتواءم مع ما فقدوه إثر غرق بيوتهم وزرعهم ونفي أن يكون لديهم أي رغبة في الانفصال عن مصر وقال نحن أصل مصر وجزء لا يتجزأ من نسيجها، وفي أعقاب بناء السد العالي وعندما بدأ تهجير النوبيين السودانيين من وادي حلفا إلى السودان عرض رئيس الوزراء وقتها وكان من أصول نوبية علي أبناء عمومته في النوبة الهجرة إلى السودان مقابل إغراءات بمنازل وأراضٍ ولكنهم رفضوا بشدة وقالوا : نار مصر ولا جنة السودان - حسبما ذكرت المصري اليوم .
وأكد الأديب النوبي حجاج أدول أن النوبيين في مصر يتعرضون لاضطهاد شديد وأن هناك إصراراً على اتهامهم بالخيانة، مشيرا إلى أنه تم بناء حوالي 18 قرية من أموال الأمم المتحدة الموجهة إلى النوبيين ولم يتم تسكينهم فيها، كما لا يوجد مذيع أو مذيعة بشرتها سوداء في التليفزيون المصري .

وأضاف: نطالب بأن يكون لنا أولوية التسكين والعودة إلي بيئتنا الأصلية كما حدث مع أهل السويس بعد الحرب، وفي مداخلة تليفونية اتهم عادل مغاوري، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية، حجاج أدول بالعمالة لصالح أمريكا وقال: أنا لا أشك في النوبيين ولكن أدول يعمل وفقا لأجندة أمريكية ويتلقي تمويلا من واشنطن وكلها أمور مشبوهة، كما شارك في مؤتمر أقباط المهجر .
وأضاف: مصر لا تحتمل القول بأن النوبيون والأقباط مضطهدون لأننا جميعا أبناء وطن واحد وإذا كان لدى النوبيين مشكلة فيجب أن تعرض من خلال القنوات الشرعية .
واختلف الكاتب والسيناريست بلال فضل مع مغاوري في مداخلة تليفونية ورفض اتهام حجاج أدول والنوبيين بالخيانة أو العمالة لصالح أمريكا وقال: الهمس إذا لم يسمع يتحول إلى انفعال ثم إلى صراخ، والنوبيون يعانون من التهميش، وأرفض اتهامهم بالخيانة والعمالة بدلا من مواجهة المشكلة وحلها، كما أننا ككتاب سيناريو نخطئ في وصف النوبيين ومشكلاتهم وساهمتا جميعا في نشر وجهة نظر عنصرية على الرغم من أننا جميعا نوصف بالسود من قبل الغرب .
واعترض سعد هركي رئيس النادي النوبي العام على مكان عقد المؤتمر الأخير حول النوبة الذي نظمه المركز المصري لحقوق السكن وقال: كنت أتمنى أن يكون في النوبة بدلا من دفع أموال للنوبيين وإحضارهم إلى القاهرة .
واعترضت منال الطيب رئيسة المركز وضيفة البرنامج على كلامه واتهمت هركي بأنه رجل الحكومة يحاول فرض أجندته على المؤتمر ولا يعلم حجم مشكلة النوبيين، وأكدت أن النوبيين مضطهدون وبالإصرار على الضغط عليهم (هيتخنقوا) ومن الممكن أن يفكروا في الانفصال .
وأضافت الحكومة نفسها تحصل على تمويل من جهات أجنبية لعمل مشروعات وتحصل جمعيات ومنظمات المجتمع المدني على تمويل فلماذا لا نتهم الحكومة بالعمالة؟

عن موقع مصراوي يوم 24/12/2007
1200 جنيه تعطل إنقاذ آثار النوبة

مصراوي - خاص - تعطل جهاز العرض الضوئي "بريجكتور " منذ ثمانية أشهر وحتى الآن لم توافق الآثار على إصلاحه رغم أن مبلغ الصيانة لا يتجاوز 1200 جنيه .
هذه حقيقة واقعية في قاعة كبار الزوار بمعبد أبوسمبل ، ورغم المخاطبات التي تمت بين إدارة المعبد ومسئولي الآثار إلا أن الجهاز لم يتم إصلاحه الأمر الذي أدى إلى رفع فقرة شرح كيف تم إنقاذ معبد أبو سمبل من برامج شركات السياحة .
الجهاز المعطل منذ ثمانية أشهر يحتاج فقط إلى "لمبة" عرض بالإضافة لتحديث أجهزة الكمبيوتر اللازمة لعرض ملحمة نقل المعابد .
تستمر مدة عرض فيلم الفيديو 58 دقيقة تشرح كل مراحل عملية النقل، بالإضافة إلى لقاءات نادرة مع العمال المصريين والأجانب الذين شاركوا في المشروع .
منطقة آثار أبو سمبل اكتفت فقط بالصور واللوحات المعلقة على الحائط لتوضح كيف اتحد العالم
لإنقاذ المعابد وتجاهلت الآثار ذلك الحدث الفريد .
ومن جانبهم استغل بعض الخارتية من الشباب الذين يعيشون من النصب على الأجانب، اشتياق السياح لمعرفة كيفية نقل المعابد، وقاموا ببيع اسطوانة كمبيوتر بها معلومات مشوهة للسياح بمبالغ تصل إلى 100 جنيه .

عن موقع مصراوي يوم 25/12/2007
140 مليون جنية لبناء 1800 منزل لأبناء النوبة

مصراوي - خاص- كشف اللواء سمير يوسف محافظ أسوان النقاب عن إدراج 140 مليون جنية في خطة العام الجديد لبناء 1792 مسكنا للنوبيين المغتربين في إطار خطة لتحسين أوضاعهم وحل المشاكل العالقة منذ تهجير النوبة .
وأشار المحافظ إلى أن رئيس الوزراء وافق على تخصيص 70 مليون جنية لبناء 1000 منزل ريفي في 5 قرى كاملة المرافق والخدمات العام المقبل .
أعلن محافظ أسوان نجاح المحافظة في إنشاء 2256 وحدة سكنية كاملة التشطيب بإسكان مبارك في منطقة الصداقة سيتم توزيعها على المستحقين في يناير 2008 .
وتم اعتماد 37.400 مليون جنية لبناء 2496 وحدة سكنية في المرحلة الثانية عن المشروع من ناحية أخرى وافق المحافظ على إدراج 28 مدرسة في خطة 2008 بتكلفة 45 مليون جنية و 10 مدارس للنهوض بالمرأة .