الثلاثاء، 24 مارس 2009

النوبيون .. لا يكذبون .


النوبيون لا يكذبون


بقلم حمدى رزق

21/3/2009 جريدة المصري اليوم .


" تشيد الجالية النوبية المصرية بالولايات المتحدة بسيادة الرئيس محمد حسنى مبارك، كزعيم ورمز لمصر وشعبها، كما تثنى على اهتمام سيادته بتنمية القرى النوبية في صعيد مصر.وتندد الجالية النوبية بالمنظمات المصرية أو المصرية - الأمريكية التي تحاول الزج باسم الجالية النوبية في مواقف أو أحداث لم تشارك فيها، وفى هذا الإطار فإن الجالية النوبية، ممثلة في الجمعية النوبية الخيرية ومنظمة أهل النوبة، تعرب عن أسفها لوضع اسم رئيس الجالية إبراهيم بشير على الرسالة الموجهة من بعض المنظمات المصرية بالولايات المتحدة للرئيس مبارك مؤخراً.. مع خالص الاحترام والتقدير والحب للرئيس مبارك والشعب المصري " .
النوبيون لا يكذبون، لم أجرب على الخال بشير الكذب، لله درك يا دكتور سعد (سعدالدين إبراهيم)، تزوير التوقيعات مثل تزوير التوكيلات .. تزوير الإرادات جريمة في حق النوبيين.البيان (أعلاه) يفضح البيان (أدناه).. موقع «أمريكا إن أرابيك» يقول نصاً: كميل حليم، رئيس التجمع القبطي الأمريكي، وأحمد صبحي منصور، زعيم القرآنيين، وسعدالدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون، وصفى الدين حامد، رئيس تحالف المصريين الأمريكيين، وعمر عفيفي، رئيس منظمة حقوق الناس، ودينا جرجس، رئيس منظمة أصوات من أجل الديمقراطية، وإبراهيم بشير، رئيس منظمة أهل النوبة، وأكرم الزند، رئيس الجمعية الأمريكية المصرية.. اجتمعوا في واشنطن في مكان غير معلن، ووقعوا على خطاب أرسل إلى الرئيس مبارك .
في عاصمة العالم الحر «واشنطن»، وفى عهد راعى الحريات «أوباما»، يجتمع الدكتور سعد مع الضابط السابق عفيفي، مؤلف كتاب «علشان متنضربشى على قفاك» وآخرين، ليحرروا خطاباً إلى الرئيس .. المباحث الفيدرالية FBI تبدى نشاطاً: ممنوع اجتماع خمسة مصريين أو ما يزيد في مكان ظاهر.. جماعة سعد تجتمع سراً وتحرر خطابات علنية .
في بلاد الـ «CIA» والعميل السري جيمس بوند، مهم قوى للميديا حكاية «في مكان غير معلن»، تضفى على الفيلم جواً من الإثارة الهوليودية، يهوى سعد الأماكن السرية، والاجتماعات السرية، والخطابات المكتوبة بالحبر السري، يحيط سعد تحركاته بقدر عال من السرية، يملك ايميلات ومواقع على الـ«فيس بوك» وحجرات شات وهواتف نقالة نظيفة مؤمَّنة، مباحث التليفونات في واشنطن البلد تجيد التنصت .
سبعة وثامنهم سعدهم، حرروا خطاباً إلى الرئيس يحوى خمسة مطالب، يا لكسل هؤلاء، تثاؤب الإدارة الأمريكية أصاب المعارضة المصرية في الخارج بالارتخاء، لو كل واحد من الأحرار الثمانية حرر مطلباً واحداً في الخطاب الواحد في الاجتماع الواحد لأصبنا ثمانية مطالب، البحر يحب الزيادة، عجزت يا دكتور .
عادى يجتمع كميل حليم إلى صبحي منصور إلى وصفى حامد حتى إلى دينا جرجس، قانون الغربة، والفاضى يعمل قاضى، ولكن ورود اسم وتوقيع إبراهيم بشير، رئيس «منظمة أهل النوبة»، على خطاب سعد يلفت الانتباه إلى جريمة ترقى إلى مستوى الفضيحة يرتكبها الدكتور سعد في حق ناس النوبة الطيبين .
المكايدة السياسية لا تصل إلى مستوى تزوير التوقيعات النوبية، والعبث في النسيج الاجتماعي لا يصل إلى تسهيل مطالب عادلة يجرى التعامل معها بإيجابية رئاسية لصالح مجموعة من المتبضعين باسم القضية، لو على المطالب كلنا في الهم نوبة – أقصد سواء. تحويل النوبة إلى سطر بغيض في خطاب مزور اجتراء على شعب طيب الأعراق.بيان الجالية النوبية في الولايات المتحدة الأمريكية (أعلاه) والممهور بتوقيع إبراهيم بشير، رئيس منظمة أهل النوبة، يفضح الحالة التي صار عليها سعد .
................................................



من أبناء النوبة في النمسا - فيينا





كتب : حمدي سليمان ( النمسا )


توطين أبناء النوبة في وادي كركر
تقرير عن مخاطر إعادة توطين أبناء النوبة في وادي كركر

فوجئ الرأي العام بالأمس القريب بخبر تخصيص أراضي وادي كركر لإعادة توطين أبناء النوبة تعويضا عن قراهم الأصلية بطول النهر في ارض الذهب وبين الفرحة التلقائية لعودة بقايا من الحق لأصحابه ومحاذير الموقع الجديد كانت مساحة من الترقب تغلل سماء أسوان بعودة النشاط الزلزالي الملحوظ عند وادي كلابشة جنوب الموقع المقترح. ولا أجد مفرا من توضيح بعضا من هذه المحاذير لتكون أمام القيادة عند اتخاذ القرار النهائي في هذا الصدد .


أولا : محاذير الموقع الجغرافي :
1 – يقع مصب وادي كركر جنوب السد العالي بحوالي تسعة كيلومترات فقط وتبعا لتدرج ميل الأرض فان جميع مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي في المنطقة سوف تأخذ اتجاه مصب الوادي لتفرغ حمولتها من السموم المتنوعة في بحيرة ناصر لا محالة .
2 – المسافة الفاصلة بين السد العالي ووادي كركر (حوالي تسعة كيلومترات) تمثل عنق الزجاجة للرصيد المائي في البحيرة وان كمية الملوثات التي قد تصل للبحيرة عن هذا المشروع لن تنسب إلي مساحة البحيرة كلها بل إلي ستة في المائة فقط من مساحتها الكلية (طول البحيرة حوالي 500 كيلومتر) مما يضاعف خطورة أي تلوث مهما كان ضئيلا .
3 – بحيرة ناصر هي مصدر الماء العذب الوحيد تقريبا في مصر ويجب حمايته بكل جدية وبلا أدني مخاطرة .
4 – بالعودة إلي مذكرات المهندس حسب الله الكفراوي وزير التعمير السابق التي نشرتها صحيفة الأهرام ندرك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون قد طلب أن تكون منطقة وادي كركر مجال للتعاون الزراعي بعد اتفاقية السلام ولكن الكفراوي اقنع الرئيس السادات بصرف النظر عن هذا الموقع لخطورته علي البنك المائي المصري الوحيد المسمي بحيرة ناصر .

ثانيا : محاذير الجغرافيا السياسية :
1 – تمثل النوبة وحدة سكانية متميزة يجب الحفاظ علي ثقافتها في إطار التنوع وسوف يؤدي الموقع الجديد لقربه الشديد من أسوان إلي ضياع محتمل لهذه الخصوصية نتيجة قدوم جحافل البطالة إلي الموقع الجديد مع وصول أولي بشائر البنية التحتية للمنطقة .
2 – أراضي الوادي رملية- جيرية في تكوينها وتمتلئ بالكثير من زلط وجلاميد السليكا (الفلنت) - كما أتضح ذلك خلال حفر قواعد أبراج الضغط الكهربائي المتجهة إلى توشكي - مما يضيف أعباء اقتصادية ضخمة علي السكان ومعظمهم بسطاء وذلك علي العكس من الأراضي الرملية السلتية علي ضفاف البحيرة فهي أسهل للاستصلاح والزراعة. ويعزي وجود المكونات الجيرية إلى تحويه هضبة الحجر الجيري التي تحف المنطقة كلها من جهة الشمال .
3 – تخصيص تربة توشكي الجيدة نسبيا للشركات الضخمة التي تعاني من مشاكل متعددة هناك بينما نعطي أبناء النوبة تربة درجة رابعة بديلا عن أراضيهم الخصبة فيه إجحاف للنوبة وأهلها وهم الأولي بالرعاية، والجميع يعرف أن هناك الكثير من الدراسات التي تمت علي أراضي وادي كركر وقللت من قيمته الزراعية مما جعل المستثمرين يهربون من استغلاله رغم الحوافز التي أعلنتها الأجهزة المختصة .
4 – ترتبط حياة النوبة التقليدية بنهر النيل لممارسة أنشطة الصيد والتجارة فيما بينهم وبالتالي يجب أن تكون القرى الجديدة متاخمة للنهر لاستعادة نمط الحياة القديمة وإرواء الحنين لأرض الأجداد. أما الموقع الجديد فهو يمتد عشرات الكيلومترات في بطن الوادي بعيدا عن النهر مما يحولهم إلي بدو رحل وليس حضارة زاهرة .

ثالثا : أسباب تتعلق بالنشاط الزلزالي في المنطقة :
استيقظنا الأسبوع الماضي على تجدد النشاط الزلزالي عند فالق السيالة على الحافة الشمالية لوادي كلابشة مما أصاب جميع الهيئات العاملة في حماية السد العالي بالرعب, ولاشك أن الزلازل الناتجة في هذه المنطقة سوف تكون اخطر تأثيرا في منطقة وادي كركر المرشح لإعادة توطين النوبيين بسبب زيادة سمك الطبقات الرسوبية غير جيدة التماسك كلما اتجهنا شمالا. أما جنوب وادي كلابشة فيكون سمك الرسوبيات اقل نسبيا بينما تسود المنطقة نواة من صخور القاعدة الصلبة المكشوفة علي سطح الأرض في بعض الأماكن مثل شمال غرب خور توشكي .. وخلاصة الأمر أن الأراضي الواقعة جنوب وادي كلابشة اقل استجابة للمخاطر الزلزالية عن تلكم المناطق شماله في حالة حدوث زلازل حول كلابشة كما هو مرجح .

الخلاصة :
خلاصة القول من وجهة نظر الكاتب أن المشروع المقترح لإعادة توطين أبناء النوبة في وادي كركر سوف يؤدي إلى زيادة مخاطر التلوث في بحيرة ناصر بصورة مؤكدة قد تفشل معها أي جهود للمعالجة من جهة كما فيه إجحاف بحقوق النوبيين من جهة أخرى ... وأرى أن أفضل الأماكن لإعادة التوطين هي المناطق الشاطئية حول بحيرة ناصر جنوب كلابشة حتى أدندان .
كاتب المقال : د. كمال ابوالمجد علي
أستاذ الجيولوجيا المساعد - كلية العلوم بأسوان

E-mail:kamalali55@gmail.com

......................................................
رسالة إلى منظمة اليونسكو .. تشكو الظلم والاضطهاد الثقافي النوبي
السيد / مدير عام منظمة اليونيسكو
السيد / كوشيروا ماتاسوراباريس - فرنساميدان الفونتانوى فيينا 19 مارس 2009

حقوق النوبيين في مصر

لن ينسى العالم كما لن ينسى أبناء النوبة المجهودات العظيمة إلى قامت بها منظمة اليونيسكو لإنقاذ آثار النوبة .. ذلك الحدث العظيم الذي اثبت أن العالم يتحرك لإنقاذ التاريخ والحضارات الإنسانية التي هي ملك لكل البشر .
تحتفل مصر من يوم 21-23 مارس بذكرى إنقاذ آثار النوبة ولهذا دعت علماء شاركوا في هذا العمل كما أنها تدعوا كبار منظمة اليونيسكو .
ولكن .. لقد تم إنقاذ الحجر ولكن تم إهمال البشر.. والبشر هؤلاء هم أبناء النوبة..أبناء تلك الأرض صاحبة التاريخ والحضارة العظيمة .
لقد أهملت الحكومات المصرية المتعاقبة أبناء النوبة وألقت بهم في صحراء كوم امبو بعدما كانوا يعيشون على شواطئ النيل مباشرة .
تلك الصحراء التي لا رابط بينها وبين حياتهم السابقة بأي شيء .. لقد كان النيل هو مبعث حياة أبناء النوبة حيث كانت على ضفافه تمارس العادات والتقاليد الخاصة بميلاد الأطفال وبزواجهم .
لقد كانت الحياة على النيل تجلب للشباب العمل من خلال الصيد أو من خلال أوراق البردي والخوص التي كانوا يغزلوا بها الأطباق الخوص التي تستخدم في البيوت أو التي كانت تباع في المزارات .
لقد فقد أبناء النوبة أهم عاداتهم وتقاليدهم ببعدهم عن النيل .. ولقد أوشكت اللغة النوبية على الاندثار حيث المجتمع الغير نوبي المحيط بأماكنهم الحالية في كوم امبو .. والتي هي نافضه في التنمية والى أجبرت غالبية أبناء النوبي على الرحيل للعمل والحياة في المدن الكبرى في الشمال مما جعلهم لا يستخدمون اللغة العربية منذ 45 عاما .

لقد طالبنا كثيرا الحكومات المصرية المتعاقبة بضرورة إنشاء مدارس ومعاهد تعليم اللغة النوبية لأطفال النوبة في مدن التهجير وهى لا تبالي .. وعندما تتاح لبعض الجمعيات النوبية الفقيرة الإمكانيات أن تدرس لأطفالنا لغتنا, تشن حملات صحفيه ضد تعليم اللغة النوبية متهمين إيانا بمعادة اللغة العربية والإسلام وباتهامات أخرى ملفقه .
كما تقوم الحكومة المصرية الآن بتوطين الغرباء من شمال الوادي في بلادنا وتمنعنا من حق العودة رغم أنها قد وقعت اتفاقيات في الأمم المتحدة توجب لنا حق العودة لأراضينا حيث أننا شعب أصيل .
ممارسات عنصريه بغيضة تمارسها الحكومات المصرية ضد أبناء النوبة حيث توطن الغرباء في بلادنا وتحرمنا نحن منها .
لقد ضاعت عادات وتقاليد ثقافيه نوبيه .. واللغة النوبية تكاد أن تموت .. ويطلق على بلادنا بلاد النوبة الآن جنوب الوادي .. ولا يسمح بإطلاق أسماء نوبيه على اي جامعات في أسوان وممنوع إطلاق اسم النوبة على أي مشروعات تقام في أسوان بل يتم تغيير أسماء القرى التي تبنى وان بنيت قرية باسم نوبي تحت الضغوطات النوبية يتم توطين غير النوبيين فيها .
تحاول الحكومات المصرية تعريب أبناء النوبة بمنع عودتهم إلى بلادهم حتى يعيشوا في المجتمعات الأخرى ويتم التعريب القسرى .
لقد قامت منظمة اليونيسكو عام 1997 ببناء متحف النوبة .. ذلك المتحف الذي رفضت الحكومة المصرية إطلاق اسمه عليه وتحت ضغوط المنظمة تم إطلاق اسم متحف النوبة الذي كانت تنوى الحكومة المصرية وقتها أن تسميه متحف أسوان .
أبناء النوبة يناشدون منظمة اليونيسكو أن تنقذ الإنسان النوبي من سياسات التعريب القسريه كما أنقذت الآثار النوبية .
الإنسان النوبي يضيع .. ولا يجد يد تمتد إليه في مصر.. فهل تكون أيادي اليونيسكو هي الداعمة لأبناء النوبة أصحاب حضارة تاريخيه عظيمه يراد لها الفناء ؟!!!

نطالبكم بالاتصال بأبناء النوبة المهتمين بالقضايا النوبية في داخل مصر والاتصال بنا في الخارج لتقديم المزيد من المعلومات .
حمدي سليمان - رئيس النادي النوبي
منظمة الشعوب المهددة
فيينا - النمسا
..........................................................
النسخة الأصلية (الإنجليزية) .
To The Director General of UNESCOMr. Koichiro Matsuura7, place de Fontenoy75352 Paris 07 SPFRANCEVienna, 19th of March 2009Rights of the Nubian People in Egypt
Dear Director General,

First we would like to express our full respect of UNESCO`s efforts for the recovery of the ancient Nubian culture. We also notice that from March 21th to 23 rd UNESCO, together with Egypt, will celebrate the rescue of the Nubian Heritage. In this context we would like to urge that UNESCO to acknowledge the necessity of protecting the present-day Nubian people with their traditional culture, as is being done for historic sites, statues, etc. We request that the Egyptian Government give us the opportunity to present our cause. Thus we hope to obtain the right to protect our own culture on the banks of the Nile and live according to it - not only be witness to the historical documentation of its history.UNESCO’s rescue of the Nubian Heritage will never be forgotten by the world, nor by the Nubian community. But unfortunately the rescue of the Nubian culture and community seems to have been neglected.Due to the building of a new water reservoir, the Nubians were relocated by the Egyptian Government to the Kumumbo Desert. This has caused a total disruption to their lifestyle in regard to farming, the climate, the building of houses and to Nubian traditions and culture in general. The traditional homes of the Nubian People, directly on the banks of the Nile, were the financial and cultural base of that.Fishing, basket making, papyrus production, the important birth and wedding rituals and farming the fertile soil are a few examples of the most important aspects of the Nubian lifestyle. None of these are possible in the desert. Farming is drastically reduced, the climate makes life harder and concrete as the building material is unsuitable for desert, houses and the given geography.Furthermore, the Nubian language is threatened with extinction as the Egyptian Government is forcing the Arab way of life on the Nubian People. The Nubians living in northern cities have to some extent adapted modern lifestyles, more than those living in isolated villages in Kumumbo, and this has resulted in a rift among the community. On the other hand the Egyptian government has forbidden the Nubian language to be taught in the schools in Kumumbo.

Original Nubian terms or names of settlements and streets have been replaced by Arab names, thus eliminating any traces of the Nubian culture and language. Such forced assimilation and Arabicization will sooner or later lead to the disappearance oft Nubians and creates negative attitudes among the Nubian population, which is then misinterpreted as a rejection of Arabs and Islam. All that the Nubian people want is the right to uphold and pass on their traditions – but that is regarded as a threat by the Egyptian Government. The preservation of the Nubian lifestyle and traditions will only be possible by the Egyptian Government allows the Nubians to return to their homes on the banks of the Nile.

Therefore we urge UNESCO to be also concerned with, and commit itself to the case of the present-day Nubian People, who face so many problems.

With kind regards

Soliman Hamdi Head of the board of the Nubian Club Vienna ViennaTel. + ....

This appeal is warmly supported by the Austrian branch of “Gesellschaft für bedrohte Völker”(Society for Threatened Peoples), A-1030 Vienna, Untere Viaduktgasse 53/7A, Tel. 0043/1/503 49 90, email: office@gfbv.at, home: http://www.gfbv.at/

الاثنين، 16 مارس 2009

من جريدة الدستور المصرية

أهالي نصر النوبة :
ضحينا من أجل مصر وبناء السد والحكومة ترد لنا الجميل بالتشكيك في وطنيتنا
رحاب الشاذلي .. في 8/3/2009

أكد أهالي نصر النوبة أنهم يملكون وثائق رسمية تاريخية يمتد عمرها إلي ربع قرن تؤكد حق عودتهم إلي موطنهم الأصلي في منطقة النوبة القديمة ومع ذلك الحكومة تستخدم سياسات التعنت والتجاهل وتتعامل بمنطق الاستعلاء والنظرة إلي النوبيين ومطالبهم علي أنهم أقليات، وكشف الأهالي عن خريطة صادرة منذ عام 1986 لتوزيع العناصر السكانية لبلاد النوبة حول بحيرة السد العالي التي سبق وأن تم تهجيرهم منها علي 4 ترحيلات .
من جانبه أكد أحمد الخبيري (كبير قادة نصر النوبة) خلال كلمته في المؤتمر الجماهيري الذي نظمه أهالي النوبة يوم السبت الماضي لاستقبال الدكتور أيمن نور - مؤسس حزب الغد - علي أن المنطقة القديمة التي تم التهجير منها كانت تمتد بطول 350 كيلو متراً من الشلال الأول وحتى الشلال الثاني جنوب أسوان بطول نهر النيل من قرية دابود في الشمال وحتى قرية أدندان في الشمال .
وتم تهجير النوبيين الذين يعيشون في هذه القرى، وكان عددهم 18000 أسرة مع بناء السد العالي وكانت بداية هجرة أول نوبي مع بناء خزان أسوان عام 1902 الذي ارتفع معه منسوب المياه خلف الخزان ليغرق عشر قري نوبية، وقاموا بالهجرة التطوعية دون طلب من أحد فانتقلوا إلي مختلف المحافظات وبعد ذلك حدثت التعلية الأولي لخزان أسوان عام 1912 وارتفع منسوب المياه وأغرق ثماني قري أخري هي قورتة والعلاقي والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادي العرب وشاترمه، وبعد ذلك جاءت التعلية الثانية للخزان عام 1933 وأغرقت معها عشر قري أخري .
وفي الخمسينيات بدأت الدراسات لإقامة السد العالي وتم ترحيل أهالي النوبة خلف السد عام 1963 إلي هضبة كوم أمبو .
وأضاف الخبيري أن مطلب حق العودة إلي الموطن الأصلي في النوبة القديمة هو حق أصيل بموجب الاتفاقية الدولية «الفاو» التي تؤكد حق العودة لأي شعب أصيل إلي موطنه الأصلي في حال زوال السبب، والآن السبب الذي تم علي أساسه التهجير من قبل زال الآن، كما أن هاك وثيقة تاريخية لأهالي النوبة تنص علي حق عودتهم إلي الموطن الأصلي بالنوبة القديمة علي ضفاف بحيرة ناصر كامتداد عمراني طبيعي وظهير صحراوي لقري النوبة، وذلك استنادا إلي تصريح رئيس الجمهورية بأولوية أبناء النوبة في العودة إلي النوبة علي ضفاف بحيرة ناصر «السد العالي» ... وكذلك توصية المجلس الشعبي المحلي لمركز نصر النوبة بجلسته المنعقدة بتاريخ 30/5/2007 والمصدق عليها من مجلس الشعب المحلي لمحافظة أسوان بجلسته المنعقدة بتاريخ 26-6-2007 وتوصيات المجالس الشعبية المحلية لقري النوبة وأعضاء الحزب الوطني والتجمع وعمد ومشايخ النوبة وقياداتها .
وأشارت تلك الوثيقة التي حصلت " الدستور" علي نسخة منها أن مطلب حق العودة يتمثل في بناء مساكن المغتربين الباقية في ذمة الدولة وقدرها 5110 مساكن في منطقة النوبة القديمة علي ضفاف البحيرة في المواقع الصالحة للبناء علي شكل مجتمعات عمرانية كاملة المرافق لعدد 44 قرية نوبية وبنفس مسمياتها القديمة كما حدث عند التهجير إلي كوم أمبو وذلك لتكون امتدادا عمرانيا وطبيعيا للقرى الحالية بنصر النوبة بكوم أمبو بدلا من البناء في وادي النقرة أو أماكن التوسعات السكنية الموجودة في بعض القرى النوبية حاليا والتي يصر النوبيون علي رفضها تماما لعدم جدواها .
كما أشارت الوثيقة إلي أن تكاليف بناء مسكن المغترب علي ضفاف البحيرة وفي مساحة 300 متر مربع بالخامات المحلية لا تزيد على 40 ألف جنيه، في حين أن بناء المسكن نفسه في وادي النقرة أو خلف قري النوبة الحالية علي مساحة 200 متر مربع تزيد علي 80 ألف جنيه ويمكن التحقق من ذلك بواسطة لجنة شعبية وتنفيذية مشتركة لبناء منزل واحد علي ضفاف البحيرة قبل الشروع في تنفيذ خطة بناء سكن المغتربين .
وعن قرار الحكومة بتخصيص أراضي « كركر» لإعادة توطين أبناء النوبة تعويضا عن قراهم الأصلية بطول النهر قال أحمد كاجوج - أحد القيادات الشعبية في النوبة - إن هناك محاذير ومخاطر أشار إليها أساتذة الجيولوجيا حول تلك المنطقة والتي لا تسمح بأن تكون منطقة سكنية ذلك لأن مصب وادي « كركر» يقع جنوب السد العالي بحوالي 9 كيلو مترات فقط وتبعا لتدرج ميل الأرض فإن جميع مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي في المنطقة لابد أن تأخذ اتجاه مصب الوادي لتفرغ حمولتها من السموم المتنوعة في بحيرة ناصر، كما أن المسافة الفاصلة بين السد العالي ووادي كركر حوالي 9 كيلو مترات وتمثل عنق الزجاجة للرصيد المائي في البحيرة وأن كمية الملوثات قد تصل للبحيرة من هذا المشروع لن تنسب إلي مساحة البحيرة كلها بل إلي 6% من مساحتها الكلية «طول البحيرة حوالي 500 كيلو متر» مما يضاعف خطورة أي تلوث مهما كان ضئيلا .
.....................................................


النوبة لكل مشكلة حل ولكل حل ألف مشكلة
شباك نور
9/3/2009.. كتب د. أيمن نور
يوم 7/3/2009 التقي مصطفي السيد ـ محافظ أسوان ـ نحو ألف عضو مجلس محلي بقري ومركز نصر النوبة !! ورغم غرابة العدد «ألف» وفقاً لما نشرته الصحف، فإن الأغرب هو بعض التصريحات التي نقلت علي لسان المحافظ .
محافظ أسوان فسر الماء بالماء عندما قال: إن توطين أهالي النوبة في وادي كركر شأن نوبي بحت!! ولا علاقة للمحافظة به «!!» كما واصل نفض أياديه الكريمة من باقي الملفات والهموم النوبية عندما قال إنه فوض المجالس المحلية في حل مشاكل أهل النوبة سواء المتعلقة بالسكن أو غيره !! .
واستكمالاً لإنجازات السيد المحافظ، أطلق دعوة «كريمة» لضرورة إنشاء ظهير صحراوي للقري النوبية، والطريف أن المحافظ قال: إنه يدعو لهذه الخطوة، وكأن غيره المسئول عن تلبية الدعوة واتخاذ خطوات التنفيذ !!.
محافظ أسوان وقع في تناقض آخر، عندما قال إنه سيطرح أراضي المتخللات داخل القرى النوبية في مزاد علني، بسعر 10 جنيهات للمتر الواحد، دون أن يوضح الضمانات التي يمكن أن تحول دون وصول قيمة المتر لمبالغ ضخمة عبر المزاد !!.
الواضح أن محافظ أسوان يميل لمنهج العودة لنقطة الصفر، في معالجة قضايا ومشاكل النوبة المزمنة .. فهو مرة يلقي الكرة في ملعب الآخرين، وأخري يفتح الأبواب لمزيد من استنفاد طاقة أهل النوبة وفتح أبواب تهب منها رياح عاتية تعصف بكل ما قدمه بوصفه حلولاً لمشاكل بينما هي في الحقيقة مشاكل في طريقة الحلول !!.
لعل محافظ أسوان يعلم ما سبق وأن انتهي إليه سلفه المرحوم سمير يوسف من استطلاع مباشر لرغبات النوبيين في شأن التوطين دون إحالة الملف لأطراف قد تعمق الأزمة بأكثر من قدرتها علي حلها .
ولعل المحافظ يدرك ـ أيضاً ـ أن المادة 31 مكرر من قانون المناقصات والمزايدات تعطيه الحق في الاتفاق المباشر علي بيع أراضي المتخللات دون المزايدة عليها حيث استثني النص 31 مكرر المناطق ذات الظروف الاجتماعية الخاصة من الخضوع لأحكام المزايدات .
المحافظ يعود للمربع رقم واحد في كل قراراته، متجاهلاً وعوداً سابقة قطعت لأهل النوبة، وجهوداً مخلصة لنائب دائرة نصر النوبة محمد العمدة الذي سبق أن توصل لتصور جار عرضه علي وزير المالية، حلاً لقضية المتخللات بالنوبة .
لم يوضح المحافظ موقف الدولة من أراضي «النقرة» التي تبلغ قرابة 65 ألف فدان التي تم توزيع قرابة 50 ألف فدان منها علي المستثمرين، و15 ألف فدان على باقي أبناء محافظات مصر بعد تجاهل حق أبناء النوبة في بعض هذه الأراضي القريبة من قراهم التي سبق أن وعد الرئيس مبارك بتخصيص 10 آلاف فدان منها للنوبيين، وهو ما لم يحدث للآن !!.

لم يكشف المحافظ عن مصير مباني المغتربين ولا موقف ضحايا عملية النصب التي تعرضت لها 600 سيدة نوبية في لعبة الألف الطائرة علي يد الثنائي الشهير «كل عام» «وبهجت»!! في فرعي عنيبة و7 قبلي التابعين لبنك التنمية والائتمان الزراعي .
المحافظ حل مشاكل النوبة في لقاء أمس الأول ولكن بطريقة لكل مشكلة حل ولكل حل ألف مشكلة !!.
وللحديث عن النوبة بقية ...... .
........................................
أحمد منيب .. حدوتة مصرية !!!
تعيش وتفتكر


في 12/3/2009

كتب ـ خالد منيب :
( أحمد منيب ) اسمه وحده يكفي لأن يترك في عقلك ووجدانك تراثاً فنياً يدغدغ مشاعرك ويجعلك ترجع إلي الجذور .. جذور الأرض السمراء الغنية بالذهب الروحاني الذي يتملكك من أعلي رأسك حتى أخمص قدميك .. ليس بالضرورة أن تكون نوبياً حتى تعيش في ألحان هذا الرجل الذي يجبرك أن يحيا بداخلك، ليس من الضروري أن تكون من الجنوب، بل ليس من الضروري أن تكون مصرياً لكي تشعر به، فهو يخاطب فيك الإنسان وهذا الإنسان يعلو بك من ضيق العين إلي سعتها لتتعمق من خلال إنسانيتك في نوبيتك وجنوبك ومصريتك وهويتك العربية، هو الإنسان الذي عزف له أجمل الألحان :لا يهمني لونك مكانك .. يهمني الإنسان حتى لو ملوش عنوان .
استطاع أحمد منيب أن يأتي بمفردات ألحانه النائية في أرض النوبة الخصبة ليغزو سماء القاهرة ويفتح الطرق أمام أهم مطربي مصر «محمد منير» الذي غني له سبعة وثلاثين لحناً، مازالت كالدرر يحفظها كل عشاق الفن الأصيل .
ومنها أم الضفاير واتكلمي وشجر الليمون والليلة يا سمرا، وحدوتة مصرية، وعروسة النيل، وفي دايرة الرحلة، ليس محمد منير وحده من استفاد من عبقرية هذا الرجل ولكن أيضاً عدد كبير من أبناء جيل الثمانينيات مثل حميد الشاعري وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد ... وآخرين .
رحم الله أحمد منيب صاحب اللحن المرهف والحس الرقيق، الإنسان أصيل المعدن ابن الجنوب الذي استطاع إمتاع أهل الجنوب وأهل الشمال .
أحمد منيب ، الساقية التي لم تتوقف يومياً عن الدوران من أجل أحبائه، أحمد منيب الذي مازال في القلوب شمعة مضيئة رغم السنوات الطويلة التي مرت علي رحيله .








الشاعر أحمد فؤاد نجم

ولا أنها حمار يا بيه

البت نوارة بنتي صدر لها أول كتاب بعنوان «عش ع الريح» وكان المفروض إِني أحضر معاها حفل توقيع العقد في إسكندرية الجميلة ذات يوم جمعة لكن يشاء السميع العليم إني أسافر فجأة إلي المغرب الشقيق في نفس يوم توقيع - عدم المؤاخذة - العقد المزمع، فقلت في عقل بالي «كل شيء قسمة ونصيب وما يزل قدم عن قدم إلا بإرادة ربنا»، الجمعة دي بقي جت نوارة حسب المتبع عشان تقضي معايا يوم الجمعة وجايبة في أيدها نسختين من «عش ع الريح» وكاتبة لي إهداء جميل مش بس لأنه مليان حب وتقدير لشخصي المتواضع أو الضعيف أو التافه مثلاً وإنما لأن الفرحة بالمولود الأول لنوارة تشع من حروف كلمات الإهداء، فتذكرت هذه اللحظات حينما صدر ديواني الأول «صور من الحياة والسجن» سنة 1962، وتذكرت الانفلات الاجتماعي اللي ركبني ففقدت السيطرة علي سلوكي الاجتماعي وبقيت شايل رزمة الكتاب الأول وعمال أجري في شوارع الزمالك زي الجمل الأطرش إذا الهوا صفر في ودانه، وأثناء سرحاني في عالم الذكريات صرخت نوارة في وشي :
أنت بتشتم البشير ليه ؟
قلت لها بغيظ : وما أشتمش البشير ليه ؟.
قالت لي : عشان ما تبقاش على آخر الزمن مع إسرائيل وأمريكا .
قلت لها : أنا أبقي مع إسرائيل وأمريكا ..!!
قالت لي : أيوه ...
قلت لها : أديكي بدأتي تخرفي يا نوارة ... الانتصار ياختي .
قالت لي : وليه حضرتك بتسمي كلامي تخريف لا مؤاخذة ؟..!!
فقلت لها : لأنك عايزة تقنعيني بأن الأخ المحترم عمر البشير هو صلاح الدين الجديد اللي حيحرر بيت المقدس «أولي القبلتين»، ويسترجع فلسطين المغتصبة .. مش كده برضه ..!!
قالت لي : لأ لا .. يا بابا مش كده برضه .
قلت لها : هو البشير يفرق إيه عن صدام أو أي حاكم عربي معاصر ؟.
قالت لي : ما يفرقش كلهم أسخم من بعض .. لكن اللي جري لصدام حسين كان مقصود بيه إهانة الأمتين الإسلامية والعربية ... حضرتك كنت مبسوط بنحر صدام حسين صبيحة عيد الأضحى المبارك وكأنه خروف الضحية .
قلت لها : ولا كنت مبسوط ولا كنت زعلان، أنا كنت عمال أهلوس وأقول لنفسي : لو صدام حسين كان استخبى في حضن الشعب العراقي كانوا يقدروا يجيبوه ؟..!!
قالت لي : يستخبى إزاي في حضن شعب بيكرهه وبيتمنى الخلاص منه ؟!!
قلت لها : ما هو نفس الحال في جميع الدول العربية اشمعنى بقي البشير اللي أنتي متعاطفة معاه ؟!.
قالت لي : أنا يا بابا خايفه علي السودان ... خايفه ليجرلها اللي جرى للعراق .
قلت لها : وهكذا كل ما يحبوا يصطادوا حاكم عربي يدمروا البلد اللي بيحكمه ... مش دي تبقي خيبة ... ولاّ أنا حمار يا بيه؟

الأربعاء، 11 مارس 2009

كرومبو .. وأحلام البسطاء



المفتش كرومبو :



عندما تكون جالس في أحد مقاهي القاهرة الكبرى .. لابد أن تكون هناك بعض الأصوات العالية بهذا المقهى .. سواء كانت بين اثنين يلعبون الطاولة ويقول احدهم للثاني ( خشب يا حلووو ) على أنه فاز باحدى الجولات في طاولة الزهر ... ومكان أخر تسمع فيه دش ياعسل ... وهنا يلعب أحد مع صديقه الدومينيو المشهورة ... أو مجموعة أخرى تشاهد التليفزيون في مباراة لكرة القدم وهي أكبر مجالات الفرجة خاصة لمشاهدة المباريات التي تكون على احدى القنوات المشفرة ... وهناك القهوجي مشغول في الشاي والقهوه والسحلب والقرفه .. الخ على (النصبه) مكان تحضير طلبات الزبائن ... وأيضا يقف سفرجي الطلبات وينادي بصوت عالي ( عندك واحد بوستة ... وواحد على الريحه واثنين مضبوط ) وهذه طلبات للزبائن ... وكل هذه الضجيج من حولك في القهوة .. ولكنها قاعدة جميلة وتعودت عليها مثل باقي الزبائن الموجودين ... وفجأة وسط هذا الضجيج .. تجد كل القهوة في صمت تام والتفت الجميع إلى شاشات التليفزيون المتواجدة بالقهوة لمتابعة اعلان مسابقة ( المفتش كرومبو ) الذي أصبح منافسا لمباريات كرة القدم والمصارعة الحرة .... وبعد مشاهدة إعلان المسابقة ... سرعان ما تحول الصمت إلى دردشة من آخر بين الزبائن على كل الطاولات ... وفجأة وبدون مقدمات تجد واحد من الزبائن قام بالصراخ معلنا أنه حل المسابقة .. وفي نشوة شدت انتباه الجميع .
وفي لحظات بدت مقاعد القهوة ... وكأنها استبدلت بزبائنها " سحس بومب ، حمبوز لاوي بوزه ، حامد مفيش فكه، عزيزة اللذيذة، تملي رزل ، شكمان الميكانيكي .. وكلها من الشخصيات في مسابقة ( المفتش كرومبو ) الشخصية الكرتونية التي ابتكرها الأستاذ هيثم حمدي وهو صاحب شركة انتاج .. وقد استطاعت شركته أن تحقق نجاحا ونجومية على مستوى العالم العربي .
أن نجاح شخصية كرومبو جاء نتيجة لسعي الناس الفقراء إلى تحقيق ربح سريع في ظل الظروف المادية الصعبة التي يمرون بها في البلاد ودون أي مجهود ... وأن هذا لمداعبة وجذاب استغلال أحلام الناس البسطاء .
وللآسف .. الكل فاكر بأنه في حالة كسبه مبلغ الـ 1000 دولار لا أعلم بالضبط المعلن عنها أسبوعيا .. بأنه قد ربح وقد ضحك هو على الشركة المنتجة ودفعة المبلغ من خزانتها ... ولكن أن هذا الربح .. قد أضاف إلى الشركة وشركة الاتصالات المصرية وأيضا شركات المحمول مكاسب كثيرة جدا أضعاف الجائزة المعلنة للمسابقة ... لأن قيمة الدقيقة للمتصل بالمسابقة هي 1.5 جنيه ونصف للدقيقة .. وإذا افترضنا بأن المتصل ليسجل حل المسابقة وبياناته من الاسم ورقم التليفون وخلافه .. سيأخذ من وقته 3 دقائق ... فكم واحد من الغلابة والبسطاء سوف يقومون بالاتصال ... أو من الممكن أن يتصل الأولاد بدون معرفة الأهالي وهذا يحدث كثيرا ... وأيضا يقول لك كلما اتصلت أكثر زادت فرصتك بالربح أكبر ... ولنفترض أيضا أن مجموع المتصلين من مصر مليون شخص ... لا تستغرب من العدد هذا تقريبا ومن الممكن أن يكون أكثر ... وسوف نقول هنا أن المتصل يأخذ دقيقة يعني 1.5 ج .. احسب المبلغ في عدد المتصلين .. كمان تعطيك النتيجة في سبيل الـ 1000 دولار .
وهناك الكثير من هذه المسابقات والتي يقدمها بعض المغنيين ( أمثال ريكو ... وغيره ) وتقول اتصل ياعم وتكسب معنا الجايزة ونحن في انتظارك على تليفون ( 0900 ) والباقي معروف لمن يركضون وراء هذه المسابقات التي تتداعب هذا الشعب البسيط وأيضا المغلوب على أمره .. وهذه كلها طرق جديدة من الحكومة في شغل الناس بالأمور التافه وعدم انشغالها بأمور البلد وماذا يحدث بها من سياسة واقتصاد وغلاء أسعار ... الخ .
ولن أقول غير " حسبي الله ونعم الوكيل " ... وسلامي للمفتش كرومبو ... وسحس بومب .


الأحد، 8 مارس 2009

دارك ... أشرف عبدالباقي


عندما يتمتع مقدم البرامج بخفة الدم والكاريزما يحقق تواصلا مع الجمهور الذي يتابع ما يعرض باهتمام، ولكن عندما يكون هذا المذيع فنانا وكوميديانا فإن الأمر يصبح أكثر إبهارا ويجعل الجمهور أكثر تشويقا لمتابعة البرنامج، وما حققه الفنان أشرف عبدالباقي المعادلة الصعبة، فرغم أنه فنان يتمتع بنجومية في التمثيل إلا أنه نجح أيضا في مجال تقديم البرامج وقد ظهر هذا بوضوح في برنامجه “دارك” الذي يحقق نسبة مشاهدة عالية، ويعرض على شاشتي ( أبو ظبي ) و( الحياة ) ... وقد دفعنا هذا التميز للخوض في تفاصيل البرنامج للاقتراب أكثر من طريقة تفكير القائمين عليه .
يقوم الفنان أشرف عبدالباقي باستضافة بعض النجوم في منزله ( الأستوديو ) الذي تم تصميمه على أساس أنه منزل الفنان المستقبل الضيوف .. ويبدأ الحديث معهم عن حياتهم في الطفولة والأشياء الطريفة التي حدثت معهم سواء كانت بالمدرسة أو الشارع أو مع الأهل ... دون التطرق إلى الحياة الشخصية الآن ... وذلك من منطلق كل منا له حياة الخاصة .
يقول الفنان أشرف عبدالباقي لا يعتبر ( دارك ) برنامجا عاديا ولكنه يجد نفسه في كل حلقة من حلقاته يمثل عملا فنيا مستقلا ويقول عن ذلك : قدمت من قبل بعض البرامج مثل ( كلاكيت ) و( مقلب دوت كوم ) وعندما عرض علي المنتج والمخرج طارق فهمي فكرة البرنامج وجدتها تستهويني لأنها ستجمعني بزملائي في مجال الفن وأيضا تقترب بهم من قلوب الناس الذين سئموا من البرامج التقليدية القائمة على الأسئلة الفنية المعتادة، فأنا أتحدث مع ضيوفي في شتى أمور حياتهم وذكرياتهم الطريفة وأستعرض الجوانب الخفية في شخصيتهم وأيضا أكتشف معهم المواهب المخزونة بداخلهم. وللعلم أنا لا أحضر الأسئلة مسبقا وأترك الحوار يسير على طبيعته من دون تصنع حتى أن التصوير لم يكن يتوقف كثيرا رغم أن البرنامج يتم تسجيله وهو غير مباشر إلا أن تلقائية الحوار تخلق حالة من الانسجام والتفاهم تدفعنا لاستكمال التصوير الذي يأخذ وقتا طويلا ولكن لا أحد يشعر به. ويؤكد عبدالباقي أن المقابل المادي الذي يتقاضاه الضيوف ليس هو السبب الرئيسي لحضورهم برنامجه لأنه قليل مقارنة بما يمكن أن يتقاضوه من فضائيات أخرى، ولكن حالة الود والصداقة التي تربطه بنجوم الفن في مصر والعالم العربي أهم من المال.
ويتذكر أشرف بعض المواقف التي صادفته أثناء تصوير ( دارك ) ويقول: في الحلقة التي استضفت فيها هاني سلامة ومنة شلبي وأنجي علي .. شعرت بحالة إنسانية عالية تنتابني، فهناك حب دفين يجمع بين ( منة وأنجي ) لأن صداقتهما عمرها طويل وكنت أتابع بحب نظرات عيونهما وأحسدهما على هذا الارتباط الصادق لأن نجومية كل منهما ليست مبررا لإخلاصهما في صداقتهما، كما أن شقاوة وحيوية هاني سلامة برزت في حبه لممارسة لعبة ( السنوكر ) .
أما حلقة المطرب أحمد سعد الذي حضر بصحبة المطربة السعودية ( وعد ) فاكتشفت فيها ولأول مرة قدرة أحمد على غناء الموشحات ببراعة شديدة، كما أن صوته به نبرة شجن عالية وظهر ذلك وهو يغني لفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب .
وبالنسبة للضيوف الخليجيين الذين استضافهم عبدالباقي فإنه يقول: رغم أنني تقابلت مع معظمهم لأول مرة إلا أن ذلك لم يقف حائلا دون نجاح الحلقات التي استضفت فيها نجوم التمثيل والغناء في الخليج مثل هيفاء حسين، حسن البلام، نبيل شعيل، حليمة بولندا، سعود أبو سلطان، هيا الشعيبي، أريام، خالد أمين، زهرة عرفات. ويشير أشرف عبدالباقي إلى أن الموضوعات التي تناقش في ( دارك ) ذات أهمية كبيرة مثل دقة المواعيد، التنظيم، مشاكل الزواج، الصداقة، وهي تناقش بشكل مبسط وضاحك حتى تحقق الهدف المرجو من البرنامج لأن الفنان في نظر الجمهور هو المثل الأعلى وبالتالي لابد أن نقدم له مواقف بطريقة غير مباشرة تبرز معاني جميلة، فمثلا في حلقة الفنان الكويتي خالد أمين تحدث عن الدور المميز الذي لعبته الفنانة الكويتية سعاد العبدالله في حياته وهذا يوضح للمشاهد أن صفة الوفاء ورد الجميل موجودة في الفنان الذي قد يراه البعض مجرد وجه جميل يتحرك أمام الشاشة .
ويرى أشرف عبدالباقي أن قيمة الكوميديا تمثلت في فقرة المطبخ لأن الحديث في أمور الطعام وإعداد الوجبات أمر محبب لدى الجميع .

وأبدى أشرف إعجابه بموهبة الفنانة عبير أحمد في فن الطهو وقد ورثت هذا من والدتها ذات الأصول اللبنانية .
وهنا يتحدث المخرج طارق فهمي قائلا: حقق البرنامج نجاحا كبيرا على شاشة تلفزيون ( أبو ظبي ) الذي أولاه اهتماماً كبيراً وأفرد له مساحات إعلانية هائلة وبعدها اشترته قناة ( الحياة ) التي كانت ترغب في تحقيق انطلاقة جيدة وهي في بداية بثها وقد نجحت في ذلك ولشدة الثقة في إمكانات أشرف كمذيع ماهر تعاقدنا على تقديم برنامج تلفزيوني جديد أيضا على شاشة تلفزيون ( الحياة ) هو (محطة مصر) .
ويشير طارق إلى أن أشرف متعاون جدا في التصوير ويتعامل مع الجميع باحترام حتى أن الفنيين الذين كانوا يمكثون ساعات طويلة في الأستوديو لم يملوا من طول فترة التصوير والمناخ العام كان مهيئا لتقديم برنامج قوي، وقد حصل البرنامج على لقب الأفضل في عدد من الاستفتاءات التي أجرتها وسائل الإعلان في الفترة الأخيرة .
طارق رفض الحديث عن الأجر الذي يتقاضاه أشرف عبدالباقي مقابل تصوير جزأين من برنامج (دارك) ولكنه أكد أن شركته المنتجة حققت مردوداً مادياً طيباً يتناسب مع الشعبية التي حظي بها البرنامج وهو لا ينسى الثناء والمديح الذي أبداه بطلا مسلسل ( غشمشم) هيا الشعيبي وفهد الحيان وهما يتحدثان عن تعلق الجمهور في الوطن العربي بالبرنامج .

الأربعاء، 4 مارس 2009

من هنا .. وهناك











(النوبة) واحتفالات دولة الكويت بعيدها القومي وعيد التحرير

من هذا المنطلق أقامت جمعية رابطة أبناء قورتة حفلة للمشاركة في احتفالات دولة الكويت في نادي القادسية .. وذلك على شرف ورعاية الشيخة / فريحة الأحمد الجابر الصباح رئيسة اللجنة العليا لجائزة الأم المثالية .. وأيضا بمناسبة حصول الشيخة فريحة على شهادة الدكتوراه الشرفية من الجامعة الأمريكية بأثينا .. وقاموا أيضا مسئولين جمعية أبناء قورتة بتكريم سعادة الشيخة فريحة ... التي دائما تشمل رعايتها للحفالات النوبية التي تقام في دولة الكويت .
ومن ضمن الحضور في هذه الاحتفالية الرائعة :
السيد / أحمد الكاجوجي .. عضو مجلس الشورى .
السيد / المستشار العمالي للسفارة المصرية بدولة الكويت .
السيد / مدير شركة مصر للطيران .
السيد / رئيس الجالية السودانية بالكويت .
السيدة / فيحاء السعيد .
السيدة / نجاة الحشاش .. الناشطة السياسية والاجتماعية الكويتية .
وبعض من الجاليات الافريقية .. وبعض من رجال الأعمال المصريين .. وبعض من الأجانب .
وأتقدم بالشكر والتهنئة للأستاذ / محمد إسماعيل صالح – رئيس جمعية أبناء قورتة بالكويت والأستاذ / عبدالعاطي عكاشة – أمين الصندوق .
وأيضا إلى جميع الأخوة في اللجنة المنظمة للاحتفالية الجميلة والرائعة .
...................................................
منقول
من مدونة النجم الأحمر




اعتقد أننا جميعا نسمع عن النوبيين نتقابل معهم نصادقهم نحب فيهم الأصالة نحب الفلكلور النوبي في الأفراح أما إذا سألنا نفسنا عن تاريخهم .. حضارتهم .. تراثهم لا نعرف عن ذلك شيء .
أن بلاد النوبة يرجع تاريخها للعصر الحجري وكانت تلك البلاد قائمه بين مصر الفرعونية والسودان وكان يطلق عليهم بلاد القوس لبراعتهم في الرماية .
أول بلد تخترع اللغة إلا أنها لم تكتبها كما فعلا الفراعنة وذلك هو السبب في عدم وجود مؤرخ نوبي هذا بالإضافة إلى أن المؤرخين العرب قد تجاهلوا تلك الحضارة الأمر الذي جعل التاريخ النوبي في أيدي مؤرخين أجانب عرفوا النوبة كحضارة رائعة بكل المقاييس .
إلا أن الحكومة المصرية على اختلاف مراحلها قد اتفقت جميعها على تجاهل النوبة كحضارة وذلك لأسباب سياسيه يعرفها الصغير قبل الكبير وعلى النقيض نجد الغرب يقر بعظمة تلك الحضارة ويتفانى في رسم حدودها ما بين مصر والسودان وأن كان ذلك بغرض الانفصال عن مصر والسودان وعودة بلاد النوبة إلى الحياة .
ولحصر مشاكل النوبيين نحصرها في ثلاث نقاط رئيسيه :
أولها : التهجير وعدم صرف تعويضات لذلك التهجير أو حتى إقرار بحق العودة كما حدث أثناء تهجير أهل سيناء في 1967 وإعطائهم الأولوية في العودة إلى القنال وصرف تعويضات لهم .
لقد استفاد كل مصري من السد العالي، أما النوبيين فلم يستفيدوا إلا بالتضحية بقبور أجدادهم كطعام للسمك في بحيرة النوبة التي أطلق عليها بعد ذلك بحيرة ناصر .
ثانيها : تجاهل الحضارة النوبية في نشر تراثها وثقافتها ومزج كثير من الآثار النوبية ونسبها إلى الفراعنة .
ثالثها : الجهل فبعد أن كانت بلاد النوبة مهد الحضارات أصبحت الآن في جهل متعمد فالمدارس ليس في كل القرى وندرة مدارس الثانوية العامة متمثله في مدرسه لكل خمسة قرى الأمر الذي يجعل التعليم الجامعي أمر تعجيزي .
والنقطة الأخيرة التي تزعج النوبيين بشده هو تصوير النوبيين بأنهم يعملون كبوابين أو خدم منازل وما إلى ذلك ، الواقع أن ذلك وأن قد حدث لأجدادهم وآبائهم فذلك لا يعد عار أو خزى .
إلا أنه والآن عدد النوبيين الذين يشتغلون في تلك الأعمال صغير للغاية أصلا عدد النوبيين الذين يعملون في مصر لا يتعدى العشر .
وعليه يجب تغيير تلك النظرة فالنوبي دائما خادم فكره سخيفة .

واعتقد أن تحقيق تلك المطالب يعتبر أدنى تقدير لتلك الحضارة ، وإلا قد يحدث كما حدث في السودان عام 2004 عندما بلغت الأمور مداها بظهور تنظيم مسلح يدعى حركه كوش انطلاقا من شمال السودان يطالب بحقوق النوبيين ويهدد بمجابهة عسكرية وينفي في الوقت نفسه أي علاقة بينه وبين إسرائيل أو الولايات المتحدة اعتقد أننا جميعا لا نريد ذلك وكفانا تفرقا .
...................................................

قرأت لك



عن صوت النوبة .
منتدى تقرير صوت النوبة الخارجية .




إيمانا من صوت النوبة بالمجهودات الجادة التي يقوم بها الإعلاميين والصحفيين بالاهتمام والكتابة الموضوعية وتسليط الضوء على النوبة وأهلها والتزام للوعد الذي قطعناه على أنفسنا قامت صوت النوبة بتوجيه الشكر والعرفان إلى الأقلام الصحفية الجادة .. حيث تجمع كل من : ( تيتو ابوسمبل – أوناتي – شيرين فاروق – رانيا فاروق – عزيز عثمان ) ممثلي صوت النوبة ... يوم الثلاثاء الموافق 3/3/2009 في تمام الساعة الثانية ظهرا . بالتوجه إلى مقر جريدة المصري اليوم لمقابله الأستاذة / نشوى الحوفى التي قامت بكتابه سلسله من الحلقات عن النوبة باسم ( النوبة قرن من المرارة ) وقد تناولته بشكل موضوعي وجيد حيث قامت بتسليط الضوء على محاور لم يتناولها الإعلام المقروء أو المرئي من قبل ... وقد قامت جريدة المصري اليوم مشكورة بعمل صفحات كاملة لتلك الحلقات .
لذلك وجب علينا توجيه الشكر باسم أبناء النوبة إلى الأستاذة / نشوى الحوفى الصحفية بجريدة المصري اليوم وإلى الجريدة ورئيس تحريرها الأستاذ / مجدي الجلاد والذي يحرص دائما على نشر أخبار عن المجتمع النوبي .
قامت الأستاذة / نشوى باستقبال ممثلي المنتدى عند وصولهم لمقر الجريدة بترحاب شديد وحدثتهم عما قابلته في رحلتها إلى النوبة وما لاقته من سماحه وترحاب من أهل النوبة وعن مواقف امتزجت فيها الدموع على الماضي وابتسامات وأمل للمستقبل ... وتطرق الحديث مع ممثلي الموقع حول قضايا النوبة وهمومها في جلسه استمرت لأكثر من ساعة ثم انضم إلى المجموعة الأستاذ / مجدي الجلاد رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم بحفاوة بالغه ووجه الشكر لأبناء النوبة على الزيارة وهذه اللافتة الطيبة وناشدهم بمراسلة الجريدة وكتابة موضوعات تخص النوبة وأهلها .
وبعدها قام ممثلي الموقع بتسليم شهادات تقدير للأستاذ مجدي الجلاد ... والأستاذة نشوى الحوفى والتقاط بعض الصور التذكارية معهم .

ومن هنا من مدونتي المتواضعة ( نوبي وافتخر .. بنوبتي ) .. أضم صوتي إلى أسرة صوت النوبة وأتقدم بكل الشكر والتقدير إلى الأستاذة نشوى الحوفي وذلك على مجهودها الرائع في موضوع ( النوبة وقرن من المرارة ) الذي قمت بنشره أيضا في هذه المدونة .. وشكرا لكم جزيلا الشكر لأسرة جريدة المصري اليوم متمثلة برئيس التحرير الأستاذ مجدي الجلاد .
...........................................

نظرية الأستاذ الكبير أنيس منصور
موضوع قديم


حضارة النوبة

نظرية جديدة تبناها علماء الآثار في أمريكا، تؤكد أن الحضارة الغربية كلها تأثرت بحضارة أفريقيا.. أي حضارة مصر وحضارة النوبة.. وهذه النظرية تقول: إن علماء الآثار ركزوا اهتمامهم على مصر.. وأغفلوا تماماً حضارة النوبة التي أثرت في حضارة مصر، التي أثرت في الحضارة الإغريقية.. فنظام الملك قد أخذته مصر عن النوبة .. لا شك في ذلك .
وقد عثر الأثريون على تحف من الذهب والخزف في بلاد النوبة.. هذه التحف تؤكد براعة الفن النوبي وتطور الحضارة النوبية.. وكانت بلاد النوبة تمتد من جنوب مصر إلى شمال السودان كله.. ثم أن النوبة حكمت مصر في الأسرة الخامسة والعشرين..
وقد أثبت الأثريون الأمريكان أن النوبة كانت على صلة مباشرة بروما.. فقد وجدوا فيها تماثيل للإمبراطور أغسطس.. ومعنى ذلك أن الرومان كانوا يعبرون مصر إلى بلاد النوبة دون أن يتوقفوا فيها .

وقد قدم المعرض الأمريكي الذي كان مقاماً في ولاية بنسلفانيا 350 أثراً فنياً نوبياً، يؤكد عمق الثقافة النوبية وتنوع العلاقات الإنسانية فيها.. كما أن علماء الآثار قد وجدوا بالقرب من أسوان تماثيل للأميرات ومجوهرات ومقتنيات جنائزية، وكلها لها معنى واحد: أن حضارة النوبة كانت حضارة متميزة، وأن أثرها في حضارة مصر كان عميقا.
أكثر من ذلك أنهم عثروا على قصص شعبية وشعر في شمال السودان.. وهذه الآثار الشعبية لا صلة لها بالسودان، وإنما هي من آثار النوبة. بل إنهم وجدوا نقوشاً واضحة لأدوات موسيقية ولم يجدوا لمثل هذه الآلات نظيراً في مصر أو في السودان أو في ليبيا.. ولكن وجدوا نقوشاً مطابقة لها في كريت وفي روما .
وعلماء الآثار الأمريكان والأوروبيون يرون الآن أن أفريقيا هي مصدر الحضارة الأوروبية، وأن أثر أفريقيا في أمريكا وأوروبا أعمق من أثر جميع الحضارات الآسيوية.. فالحضارة الإنسانية سواء والإنسان الأسود هو صاحب الفضل الأول على تطور الحضارات البيضاء في كل العصور القديمة !.
ويتنقل هذا المعرض الضخم إلى كل مكان في العالم .
ويرى العلماء الأمريكان أيضاً، أن الإنسان الأول أفريقي أسود .
وهذا يفسر لعلماء الفلك لماذا ترك سكان الكواكب الأخرى آثارهم في شمال ووسط أفريقيا، وليس في آسيا وأوروبا .
............................................................

با حلم وأنا صاحي : بتعليم وصحة وإسكان واقتصاد وأمن (5 نجوم)
كتبت نشوى الحوفي 14/2/2009 .

«أنت لسه بتحب مصر؟».. مجرد سؤال طرحته «المصري اليوم» قبل أشهر لقرائها وتصدر ملفاً مهماً، لم يكن الهدف منه التشكيك في علاقة المواطن بالوطن، بقدر ما كان هدفه البحث عن مواطن القوة والضعف في هذه العلاقة .
اليوم نعيد طرح السؤال لكن بصيغة مختلفة: «أنت نفسك تشوف مصر إزاي»، وبصيغة أخرى: «مصر الحلم في عيون أبنائها».. ورغم أنه مجرد حلم فإن أغلب الآراء التي طرحت فيه كانت واقعية للغاية، تدفع إلى طرح سؤال أخر: بما أننا نملك القدرة على تحويل الحلم إلى حقيقة، فلماذا لا نفعل؟.. هذه التساؤلات هي النقطة التي انطلقنا منها في حديثنا عن «مصر التي نحلم بها».
مستوى التعليم في مصر هو أحد هذه الأحلام، يبدأ بمواصفات الطالب التي وضعتها الهيئة القومية لجودة التعليم مؤخراً .
كما يجب أن يتحلى الطالب بسمات المسؤولية، والقدرة على القيادة، وتقدير فكر العمل الجماعي وممارسته .
والمشكلة ليست في تطبيق هذه المعايير، لكن في المعلم الذي سيخرج طالبا بهذه المواصفات، حسب تأكيد شيخ التربويين الدكتور حامد عمار، الذي طرح وجهة نظره الحالمة: آن الأوان كي يكون المدرس قائداً في المدرسة لتلك الكتيبة من الطلاب، يعلم ويربى، يمنح الثقة في الغد، ويعالج ما يطرأ من مشكلات، يكون لطلابه الصديق والمربى قبل أن يكون المعلم. ويكفى أن رئيس وزراء اليابان قال عن المعلم: منحناه راتب وزير، ومكانة دبلوماسي.
حلم آخر قدمته د. عزة أبوالعزب، خبير الجودة في جامعة القاهرة: يجب أن نختار القيادات التعليمية ممن يمتلكون مهارة الإدارة القائمة على معايير علمية واضحة، كتلك التي يتطلبها العمل في كبرى المؤسسات المالية والاقتصادية. ويكون لناظر المدرسة الصلاحيات التي تعينه على أداء عمله، ورسم سياسة مدرسته بما يتوافق مع السياسة التعليمية العامة لمصر.
ولأن الصحة أكثر الملفات الشائكة في حياة كل مصري، فإن الحلم فيها لا حدود له.
«التسلح بالعلم واللحاق بالتكنولوجيا».. هي وصفة د.محمد غنيم، أستاذ الكلى ومؤسس مركز المنصورة لعلاج الكلى لإصلاح حال الصحة في مصر، ففي نظره: العلم هو أساس نجاح أي وطن. وتطوير الخدمة الصحية في مصر ليس مستحيلا، ولكنه يحتاج إدارة جيدة، واستغلالاً جيداً للموارد، وضميراً يراعى الصغيرة والكبيرة، للنهوض بصحة المصريين.
دكتور على رأفت، أستاذ العمارة الإسلامية في جامعة القاهرة، يرى أن الحلم الحقيقي لمصر في عالم التعمير هو غزو الصحراء في الوادي الجديد وسيناء والصحراء الغربية والواحات وجنوب الوادي، بعقل منظم ودارس، يحول دون العشوائية في التخطيط.
بداية الطموح لتحقيق صورة مصر كما نحلم بها يرسمها دكتور حازم حسنى، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قائلا: «لابد أن تكون البداية بتوسيع رقعة الإنتاج، وافتتاح المصانع في جميع أرجاء مصر، لتستوعب الأيدي العاملة في وجه بحري والصعيد والدلتا من دون تمييز لمنطقة على حساب أخرى، ودون أن يشكو إقليم من فقر أو تدهور تنموي».
رجل شرطة يسير في الشوارع، ويعاقب المخالف مهما كان وضعه الاجتماعي أو السياسي أو المركبة التي يركبها.. إنه الحلم الذي تقدمه أمينة خيري الصحفية في جريدة الحياة اللندنية لرجل الشرطة وقالت: «أتمنى رؤيته مثقفا، واعيا مظهره لائق، يقف في اعتداد بزيه الرسمي، لا يمد يديه لسائق سيارة خالف قواعد الطريق، يسعى الأطفال للتحدث معه، والتقاط الصور التذكارية إلى جواره، يثير في النفس الشعور بالأمن والبعد عن المخاطر، وعدم الرهبة من جهاز الشرطة في آن واحد».
................................................
تعليمات من الرئيس بعدم ملاحقة ٥٨٠ سيدة نوبية
قضائياً صدرت ضدهن أحكام حبس
مصراوي : كتب محمود الجعفرى 18/2/2009

أعلن السيد علي شاكر، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعي، أن الرئيس حسنى مبارك أصدر تعليمات أمس الأول، بعدم ملاحقة ٥٨٠ سيدة من مركز نصر النوبة فى أسوان قضائياً بعد أن صدرت ضدهن أحكام بالحبس في قضايا ضمانات وقروض حصل عليها شخص يدعى عبدالرحيم محمود أحمد، عام ١٩٩٥، مستغلاً جهلهن بالقانون، ونصب عليهن بحصوله على قروض وضمانات بنكية بأسمائهن قيمتها ٢٥ مليون جنيه، من فرع بنك التنمية في المدينة، بعد توقيعهن على قيمة القروض والضمانات .
وأضاف شاكر أن السيدات فوجئن بعد ذلك بمطالبة البنك لهن بسداد قيمة القروض، لافتاً إلى أن توجيهات الرئيس تضمنت ضرورة تسوية القضية بعيداً عن ساحات القضاء، ومراعاة البعد الإنساني فيها، بسبب عدم دراية هؤلاء السيدات بالقانون، وحرصاً على مستقبل عائلاتهن .
........................................
غضب أبناء النوبة بسبب مساكن وادى كركر
الأحد، 15 فبراير 2009 - 12:41
أسوان ـ صلاح المسن

أثار قرار محافظ أسوان المفاجئ بتخصيص 10400 فدان بمنطقه وادي كركر لإقامة قرى نوبية على ضفاف بحيرة ناصر غضب آلاف النوبيين الذين كانوا ينتظرون العودة إلى مناطقهم الأصلية وليس إلى منطقة كركر، التي تتميز بوعورتها وبعدها عن العمران، على الرغم من تأكيد محافظة أسوان بأن تلك المنطقة حددتها لجنة الري والإسكان والزراعة، وأنها مناسبة للإقامة وتنفيذ البنية الأساسية وتم رفع مساحتها .
زارت قيادات نوبية تابعة للحزب الوطني الحاكم منطقة وادي كركر، ومنهم عبد الرازق عبد الحليم رئيس المجلس الشعبي المحلي لمحافظة أسوان والسكرتير العام السابق لمحافظة أسوان عمر محمدين، بينما رفض أغلب القيادات النوبية غير المسيسة ذلك القرار وتدعو إلى تنظيم مؤتمر شعبي .
ويقول الحاج أحمد إسحاق رئيس لجان المتابعة للملف النوبي، إن وادي كركر منطقة بعيدة عن النيل وصغيرة المساحة، ونحن نطالب ببناء 44 قرية بنفس الأسماء القديمة على ضفتي النيل من جنوب السد العالي حتى أدندان وقسطل، كما كان الحال من قبل، وتنفيذاً لقرار فخامة الرئيس مبارك، وهذا مطلبنا الوحيد الذي لا يمكن التنازل عنه، وكذلك لابد أن يعامل النوبيون معاملة سكان مدن القناة عندما تم تهجيرهم وإعادتهم بعد ذلك بالكامل بعد انتهاء الحروب .
ويضيف الناشط النوبي طارق أغا، أنه بعد طول انتظار حدث تلاعب كبير في قضية مساكن المغتربين النوبيين، حيث تم اختيار منطقة كركر، وهى جنوب مطار أسوان، وهى منطقه جدباء لا تصلح للزراعة وقد خصصت 99% من أراضى البحيرة للمستثمرين، والآن يعطوننا 1% من الأراضي التي لا تصلح للعيش .
قال أغا، إن أبناء النوبة مصرون على ألا تكون منطقة كركر تعويضاً للنوبيين، وإن هناك فئة من النوبيين موالية لقرارات الحكومة وباعت القضية لأطماع شخصية، وهم معروفون للجميع وبدلاً من أن تبنى الحكومة منازل وقرى جديدة في كركر الأفضل لها أن تبنى في المواقع الجغرافية القديمة .
.............................................

الحكومة تغازل النوبيين ببناء قرى جديدة لهم
الخميس، 12 فبراير 2009 - 12:39
أسوان ـ صلاح المسن

صرح محافظ أسوان مصطفى السيد ببدء عملية إنشاء القرى النوبية الجديدة على ضفاف بحيرة ناصر، أثناء اجتماعه مع اللجنة العليا حيث أشار إلى أن اللجنة تختص بمعاينة مساحة الأراضي المخصصة لأهالي النوبة مع وضع المخطط العام، سواء كان للأراضي الزراعية أو أراضى المساكن وتصميماتها الهندسية .
وأشار المحافظ إلى أن اختيار منطقة وادي كركر، جاء بناء على موافقة القيادات النوبية وذلك لقربها من ضفاف البحيرة، بجانب تميز الموقع من حيث المسطحات المستوية التي تسهل إدخال البنية الأساسية والمرافق من مياه شرب وصرف صحي وكهرباء وطرق واتصالات .
وأضاف المحافظ بأنه سيتم البدء فوراً في استصلاح هذه المساحات وتوصيل كافة الخدمات والمرافق لها من أجل خلق مجتمع عمراني متكامل، بحيث تشمل الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والتموينية والرياضية .
وألمح المحافظ مصطفى السيد إلى أن الأولوية المطلقة للدولة حسب توجيهات الرئيس مبارك، هي بناء القرى النوبية مع وقف جميع المشروعات الاستثمارية، سواء كانت سياحية أو زراعية لحين الانتهاء من توطين النوبيين، حيث إن هذه المشروعات غير مدرجة في خطة الدولة حتى عام 2017 .. موضحاً بأنه تم تخصيص 70 مليون جنيه من اعتمادات وزارة الإسكان لإحلال وتجديد 1792 مسكنا من مساكن النوبيين المقيمين بمركز نصر النوبة .






الأحد، 1 مارس 2009

ماذا .. قالوا عن النوبة .. والنوبيين


الكاتب الكبير : أنيس منصور
جريدة الشرق الأوسط في 27/1/2009

(أنت نوبي ..... إذن فأنت رجل أمين)

يقول: فجأة لاحظت أن السائق والسفرجي والطاهي والحارس والطبيب من بلاد النوبة. كيف حدث لا اعرف ولكننا اعتدنا على أن أبناء النوبة عندهم غريزة أخرى لا يعرفها معظم الناس: إنهم أمناء ... وإذا جلست وتحدثت عن أمانة السائق أو الحارس أو الطبيب وجدت كل واحد يحكى حكاية أو نادرة تؤكد أن النوبيين عندهم غريزة زيادة، وهي الأمانة. من نوادرهم أنني أعطيت السائق مبلغا من المال لكي يعطيه لفلان فذهب إليه في البيت فلم يجده وحاولت الزوجة أن تعرف منه ماذا يريد فرفض. حاول الأولاد فرفض. فقالوا له انه مسافر وسوف يعود بعد أسبوعين فتركهم وعاد ولم يقل شيئا . وسألته بعد أيام فروى لي ما حدث فقلت له كان في الإمكان أن تعطيه للزوجة أو للأولاد فوقف معترضا يقول: سيادتك قلت للرجل شخصيا . وحتى لا يغضب قلت له معك حق ... ويبدو أن هذا الرد لم يكن كافيا فقلت له معك حق وأنا آسف ويبدو انه رضي باعتذاري ولكي أرضيه أكثر قلت له أريد أن اسمع منك إحدى قصائدك في الحنين إلى النوبة .. فهو يقول شعرا غنائيا شعبيا تتخلله بعض الكلمات النوبية وهو لا يقول شعره إلا جالسا فاستأذن في أن يجلس وان يضع رجلا على رجل وان يدخن سيجارة فقال وأمتعني وسألني عن رأيــي فقـــلت: فأسـعده ذلك أكثر .

...........................................

8/2/2009 في جريدة الشاهد الكويتية
كتبت : نجاة الحشاش



إجازة نسائية خليجية في أسوان الرائعة :




لبينا دعوة من سيدة أعمال قطرية لقضاء 3 ليالٍ جميلة في مدينة أسوان المصرية والدعوة موجهة لي ولسيدات من الخليج وكنا 4 سيدات نشكل مجلس التعاون الخليجي النسائي، وكان من شروط الرحلة الابتعاد عن العمل ومتاعبه، وان نترك الكتابة والنقاشات السياسية والاقتصادية، وألا نستخدم النقال إلا للضرورة فقط للاطمئنان على الأهل والأبناء، وتكون رحلة راحة واستجمام نسائية .. وفعلا كانت رحلة ممتعة وجميلة، وكنا نتكلم بمواضيع نسائية، وطبائع كل النساء في كل دولة خليجية، والمضحك أننا اختلفنا في كثير من اهتماماتنا وتصرفاتنا كنساء خليجيات، لكن اتفقنا على صفات مشتركة في كل الرجال الخليجيين، ولن أقولها بل أفضل أن نحتفظ بها كأسرار نسائية، ولكننا ضحكنا من القلب على هذا الاتفاق النسائي، وشاركتنا سيدات من مصر وتونس بأن الرجل العربي أيضاً مشترك مع الرجل الخليجي بهذه الصفات وحمدنا الله على الوحدة العربية الذكورية .
سوف آخذكم لحظات في هذه الرحلة، لكي أشجع الجميع على قضاء اجازة نصف السنة المقبلة أن شاء الله في أسوان، كنت اعتقد أن المتعة فقط في شرم الشيخ والأقصر، لكن ما إن وصلنا إلى أسوان وأخذنا القارب الشراعي إلى الفندق الذي يقع في جزيرة بعيدة قليلاً عن أسوان، حتى اكتشفت أن الجمال والروعة هي أسوان، ولكم أن تتخيلوا القارب وسط النيل وساعة غروب الشمس والجبال الشامخة المغطاة برمال الصحراء تحتضن الأشجار الخضراء وطيور النورس تستقبلنا على صخور الجبال في نهر النيل، وكان الجو رائعاً والهواء يدخل في أنفاسنا بارداً وذهبت بخيالي بعيداً جداً سارحة بجمال هذا المنظر، وكانت عيني عطشى لرؤية جمال المنظر الطبيعي، وأذني تشتاق لسماع صوت طائر النورس .
وصلنا الفندق وبسرعة انتهت إجراءات الغرف وتركنا أمتعتنا ونزلنا إلى بهو الفندق لاكتشاف معالمه، ولم اصدق أن أسوان فيها هذا الجمال والروعة في المناظر الطبيعية والفنادق الراقية، والأهم الهدوء الذي احلم به بعد عناء عمل طويل وشاق .. وفي اليوم الثاني من الرحلة تم أعداد رحلة سياحية نهرية لنا بالقارب الشراعي إلى المتحف الفرعوني على ضفاف النيل، وتعرفنا أكثر على حضارة دولة عظيمة وكبيرة مثل مصر، ونزلنا إلى اقرب منطقة من نهر النيل وشربنا من ماء النيل مباشرة، وبعد ذلك كانت تنتظرنا وجبة غداء في مطعم نوبي كبير مزين بديكورات نوبية رائعة، وأكلنا طاجن السمك على الطريقة النوبية وبعد الانتهاء من هذه الوجبة الرائعة أخذنا القارب برحلة إلى حديقة النباتات، كانت تحتوى على كل أنواع النباتات في العالم وكانت من الجمال والنظافة التي جعلتنا نفترش الأرض ونلتقط صوراً جميلة فيها.. وفي المساء تعشينا في مطعم يقدم فيه عرض راقص لفرقة نوبية وحركات افريقية غريبة والتقطنا صوراً جميلة معهم وختمنا ليلتنا الثانية بدعوة من سيدة نوبية لحضور حفل زفاف ولدها، وكانت على الطريقة النوبية واستقبلونا بحفاوة وفرح، ورقصت لنا العروس مع زوجها رقصة جميلة واستودعناهم راجعين إلى غرفتنا الجميلة.. واليوم الثالث كانت الرحلة إلى معبد الفيلة وهو معبد للفراعنة ويحمل تاريخ العصور التي مرت بمصر وهو جميل ورائع، وعندما دخلت هذا المكان تخيلت نفسي كليوباترا، ومشيت بكبرياء، والجميع يضحك وطلبت منهم أن يقدموا لي قرباناً لكي أرضى عنهم، واكتشفت أن هذا المكان ليس لكليوباترا وإنما لآلهة الحب في الحضارة الفرعونية وهما ( ايزيس وأوزوريس ) آلها الحب والجمال .
انتهينا من رحلة المعابد وذهبنا إلى السد العالي في أسوان وبحيرة ناصر الصناعية التي تعتبر من اكبر مزارع الأسماك في العالم، وأخذنا اليخت إلى مطعم رائع في جزيرة تسمى التمساح لتناول وجبة الغداء، وكانت وجبة السمك اللذيذ في استقبالنا وعند العودة تأخر اليخت علينا وجلسنا ننتظر وصوله على ضفاف النيل، وتركنا أرجلنا تغوص برمال النيل الباردة ونحن نرى غروب الشمس الساحر، وبعد ذلك ذهبنا إلى المتحف النوبي الذي يتكلم عن تاريخ مصر والنوبيين واشتريت لباساً نوبياً جميلاً للذكرى، وختمنا يومنا بركوب حنطور يتمشى في مدينة أسوان والكل يحيينا ويطلب استضافتنا لشرب الشاي، وعدنا إلى الفندق ونحن نسرح بروعة المكان والجمال ونظافة المدينة وطيبة أهلها، وأصبحنا في اليوم الأخير نجهز أمتعتنا عائدين الى القاهرة، وكل واحدة منا تحمل من الذكريات الجميل و اتفقنا ان تكون رحلتنا في كل نصف سنة رحلة نسائية، ليست خليجية، وإنما نطعمها بنساء من الدول العربية ونشكل مجموعة كبيرة في نصف السنة المقبلة وقد تكون بداية لرابطة اجتماعية سياحية توحد نساء الدول العربية، أو قد تكون بداية لمشروع تجاري سياحي في أسوان، وأخيراً شكراً لسيدة الأعمال القطرية المبادرة بهذه الدعوة الطيبة، وشكرا لسفيرنا في مصر الأستاذ رشيد الحمد على حسن استقباله وبشاشة وجهه التي عرفناه بها وزيرا وسفيرا، وشكرا للأخ خالد العازمي الملحق الثقافي في السفارة على سؤاله للاطمئنان علينا ..وشكراً للقائمين على فندق ايزيس الجزيرة لطيب استقبالهم، وشكرا للصديقات المصريات على كرم الضيافة، وشكرا للخطوط الجوية المصرية على الدقة في المواعيد والرقي في التعامل، وعمار يا مصر.
..........................................................



22/2/2009 في جريدة الشاهد الكويتية
كتبت : نجاة الحشاش



هذا سر إعجابي بأهل النوبة الطيبين




استناداً لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) سطرت هذه الكلمات لأشكر أصحاب الدعوة الطيبة التي جاءتني من رابطة أبناء قورتة النوبية المصرية لحضور احتفالاتهم معنا بأعيادنا الوطنية (الاستقلال والتحرير) تحت رعاية الشيخة فريحة الأحمد الصباح. وهذه تعتبر عادة سنوية لاتحاد النوبة في الكويت يقيمها بالمناسبات الوطنية الكويتية، وهذا يدل على عمق العلاقة الأخوية بين الشعبين الكويتي والمصري، والدعوة هذه جاءتني من الجالية النوبية المصرية في الكويت من باب تقديرهم لي لما كتبته في مقالة سابقة عن أسوان بعنوان (رحلة نسائية خليجية إلى أسوان الرائعة) فأسوان رائعة فعلا كشعبها أبناء النوبة المصريين الذين أحاطوني يوم الجمعة في حفلهم حباً وكرماً واستمتعت جدا بوجودي معهم وأعجبني الغناء النوبي الأصيل ولم افهم معاني الكلمات ولكن لحن الأغاني كان قريباً جدا من القلب، وكان يجلس إلى جانبي الحاج محمد عثمان صاحب الوجه المبتسم والملامح العربية الأصيلة، وهو رجل كبير السن ويعتبر شيخ النوبيين في الكويت ومن حسن الحظ أني جلست إلى جانبه حيث زودني بمعلومات عن تاريخ النوبة وعن أنواع الغناء ومعاني كلمات الأغاني التي تغنى بها المطرب، فشكرا يا شيخ محمد عثمان على الأخلاق العالية والروح الطيبة التي كنت تبادل بها كل الموجودين في الحفل، ومن المعلومات الحلوة، والتي حصلت عليها حول وجود النوبيين بالكويت انهم موجودون بالكويت منذ الستينات وهم مع بعضهم بعضاً متلاحمون في الخارج ويحرصون على تواصلهم، ولذلك نجد أن لهم في كل دولة بالعالم اتحاداً نوبياً مصرياً خاصاً بهم، والاتحاد العام النوبي في دولة الكويت تندرج تحته رابطة خاصة بكل قرية نوبية، ويوم الجمعة في مقر الاتحاد يتزاورون للتواصل فيما بينهم سواء كان هناك مناسبة زواج أو عزاء .
وحاليا هم في فترة انتخابات لاختيار رئيس وأعضاء للاتحاد العام النوبي ، أعجبني تلاحم وترابط النوبيين فيما بينهم وخصوصا في الخارج وأعجبني أيضا إصرارهم على نقل عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم ليس للأجيال القادمة عندهم وإنما نقلها لكل دول العالم من خلال هذا الوجود الدولي لهم والمشارك بالمناسبات الوطنية للدول التي يعيشون فيها ، وهذا هو سر إعجابي بأهل النوبة .
شكرا للإخوة الذين دعوني للاحتفال لأني استمتعت جدا على الرغم من ظروفي الصحية إلا أن دعوتهم أدخلت السعادة في نفسي ... وشكرا لعضو مجلس الشوري المصري لمنطقة أسوان الأستاذ عبد المنعم محمد صالح والذي كان موجوداً وأبدى استعداده للتعاون معي في إعداد برنامج سياحي لإبراز معالم وجمال أسوان في السنة المقبلة عندما تكتمل مجموعة الرحلة النسائية الثانية لأسوان إن شاء الله .
وقد استمتعت بمقالة للكاتب الكبير أنيس منصور بعنوان (أنت نوبي ..... إذن فأنت رجل أمين) .






الجمعة، 20 فبراير 2009


أجمل ما كتب من ذكريات عن النوبة وأهالي النوبة منها ما هو جميل ومنها ما هو مؤلم .. وأيضا مطالب أهالي النوبة للتعويض عن كل مما فقد منهم ... بواسطة الكاتبة نشوى الحوفي من جريدة ( المصري اليوم ) بعد أن قامت بزيارة إلى مناطق النوبة .

بقلم : نشوى الحوفى 2/2/2009

النوبة.. قرن من المرارة (الحلقة الأولى) بيوت متشققة ..
وأبناء مهاجرون وأراضى جدباء.. ووعد لم ينفذ منذ ٤٨ عاماً

موقنون أنهم أصل الحضارة المصرية القديمة، فخورون بانتمائهم إلى نسل ملوك وملكات الفراعنة، يقابلونك بابتسامة كاملة تزينها أسنان بيضاء، تبرز سمرة بشرتهم، يتحدثون بعيون تملؤها الطيبة، ممزوجة بالحنين، إلى تلك الأرض الأولى المشبعة بطمي النيل المتشحة بنسيمه .
يتحدثون عن الجذور بولع وشغف فتمنحك كلماتهم الإحساس بأن حياتهم توقفت عند تلك اللحظة، التي انتقلوا فيها من قراهم المطلة على النهر، رافضين فكرة السكنى في القرى التي نقلوا إليها معتبرين إياها، رغم سنوات العيش بها والتي تعود لعام ١٩٦٣ مجرد مأوى مؤقت، سينتهي بعودتهم إلى أرض الأجداد، التي لم يرتضوا غيرها بديلاً، وحتى لا تسيء فهمهم يؤكدون لك طوال الوقت، أنهم مصريون حتى النخاع، لا تراودهم أحلام الانفصال، أو إقامة حكم ذاتي، مستنكرين ما يردده البعض، سواء ممن ينتمي لهم أو سواهم، حول تلك الأفكار، متسائلين: «وماذا نملك من مقومات تلك الدولة المزعومة؟ لا دولة لنا سوى مصر، ولا حكومة لنا إلا حكومتها، ولكن في القلب غصة من وعود لم تنفذ، وحال كدنا نفقد فيه الهوية واللغة، وتزداد فيه هجرة الأبناء عن أرض الجدود».
الحديث عن سكان قرى التهجير في بلاد الذهب، «نبو» التي عرفناها بـ«النوبة» تلك البقعة من مصر الممتدة بين أسوان في الشمال وحتى الشلالين الأول والثاني في أقصى الجنوب المصري، نوبيون تكسوا ملامحهم البساطة، فتنعكس على كل ما يقومون به تتبدى عند استقبالهم الغريب في بلادهم فيجعلونه «صاحب بيت» له حق الضيافة والأمان والإكرام وهنا تتذكر ما قاله المقريزي عنهم في خططه «النوبيون يشبهون النيل فيهم كرم وسماحة».
يأخذك الحديث عن النوبة إلى الغوص في تاريخها القديم، فتعرف أنها كانت بلاداً تمتد من «أسوان» في الشمال، حتى تصل مدينة «الدبة» الواقعة بالقرب من الجندل الرابع داخل السودان، وهى المنطقة التي سمتها الكتابات المصرية القديمة باسم «تاستى» وتعنى «أرض القوس» وهو السلاح الذي برع في استخدامه أهل النوبة القدماء.

كانت «واوات» هي بلاد النوبة السفلى، القابعة في الأرض المصرية، بينما أطلق على الجزء الجنوبي منها، في السودان اسم «كوش» كانت بلاد النوبة حلقة الوصل بين الشمال والجنوب عبر نهر النيل، فاكتسبت منذ القدم أهمية بالغة من الناحيتين العسكرية والتجارية، بشكل جعلها على صلة بمختلف الحضارات والأجناس.
ويقول «ول ديورانت» في الجزء الثاني من «قصة الحضارة»: «ما من أحد يعرف من أين جاء المصريون الأولون؟ ويميل بعض العلماء الباحثين، إلى الرأي القائل بأنهم مولودون من النوبيين والأحباش» وتعود آثار النوبيين في جنوب مصر، إلى أكثر من ١٠ آلاف سنة، حيث وجدت آثار في وادي حلفا بمنطقة خور موسى، تشير لاعتماد الإنسان النوبي على الصيد وجمع الثمار وصيد الأسماك، إلى جانب آثار أخرى في منطقة خوربهان بشرق أسوان تدل على احتراف النوبيين الزراعة، وفى سنوات لاحقة نزحت جماعات من النوبيين، إلى منطقة الشلال الثاني، ليحترفوا الزراعة البدائية.

ويقول دكتور جمال حمدان في تحفته «شخصية مصر»: كان النوبي أول إنسان زرع ورعى الماشية منذ أقدم الحضارات، ساعده في ذلك، ترسب التربة الطينية الصالحة للزراعة على جوانب النيل مع قدوم الفيضان مما جعل الأراضي النوبية حول شريان النيل.

ومن أقدم الزراعات النوبية شجر الأبنوس الذي عرف منذ الأسرة الأولى، ٣٢٠٠ قبل الميلاد، كما عرفوا مزروعات أخرى في العصر الحديث مثل اللوبيا، والبصل، واعتمدت الزراعة في النوبة على الأدوات البسيطة كالفأس، والجاروف والمحراث والساقية والمنجل.
كانت فكرة الدولة المصرية الموحدة قد بدأت في التجسد على أرض الواقع، ليكون توحيد الشمال والجنوب في كيان واحد يضمن طريق التجارة عبر أفريقيا، ويؤمن الحدود الجنوبية لمصر، وبحلول العام ٢٩٠٠ قبل الميلاد، كانت النوبة بأكملها مصرية.

ولكن في عام ١٧٠٠ قبل الميلاد، نجحت مملكة «كرمة» التي كانت في شمال السودان عند الحدود مع مصر في ضم النوبة المصرية إلي نفوذها وهو ما استمر حتى عام ١٥٥٠ قبل الميلاد، حينما تولى الملك أحمس حكم مصر وطرد الهكسوس، وأسس الأسرة الثامنة عشرة لتعود سيطرة المصريين على أرض النوبة في الجنوب المصري.

«النوبة هي أصل الحضارة الفرعونية، حتى إن ملوكنا وملكاتنا الجميلات المحندقات نوبيات، عدا نفرتيتي التي يقال إنها من أصول غير مصرية، أما «حتشبسوت»، و«نفرتارى»، و«تيتى» حماة إخناتون، وغيرهن فمن النوبة وأنا أرى أن حماة إخناتون هي صاحبة أجمل شفتين في تاريخ مصر الفرعونية وأجمل أنف أيضاً،
أما الوجنات فهي بارزة وهذا يدل على أصلها الأفريقي» كان ذلك بعض قليل من كلمات كثيرة كتبها الكاتب أنيس منصور عن النوبة، وأضاف عليها قائلاً: «كانت بلاد النوبة على صلة مباشرة بأوروبا، دون أن تتوقف عند مدن الوجه البحري والعاصمة منف، وفى الوثائق الإغريقية، نجد أن أهل النوبة ونبلاءها وملوكها، هم أيضاً الذين علموا مصر والإغريق، نظام الملك ونظام الترقي بين الوظائف».
تطورت الديانات في أرض النوبة، وارتبطت بتطور مفاهيم العبادات الدينية عند المصريين القدماء، ففي عهد أمنحوتب الأول كان الإله المعبود هو حورس، بينما عبد «آمون رع ـ ورع حارختى» في عهد حتشبسوت وتحتمس الثالث، وأمنحوتب الثاني، وفى عهد الملك رمسيس الثاني، انتشرت صور عبادة الملك الإله إلى جوار الآلهة، ومع نهاية الأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة، بات آمون رع هو المعبود الرئيسي في بلاد النوبة.
أما المسيحية فلم يعرفها أهل النوبة إلا في القرن الخامس الميلادي، وتحول الكثير من المعابد الفرعونية إلى كنائس مورست فيها الشعائر المسيحية.
أما الإسلام فلم يدخل النوبة، إلا بعد سنوات من فتح مصر، حين بدأ العنصر العربي التوافد على بلاد النوبة، في القرن الثالث الهجري، عن طريق ممارسة التجار العرب أنشطتهم في بلاد النوبة، حيث كانوا يحضرون لشراء الذهب والزمرد وبعض المعادن الثمينة، إلى جانب استقرار بعض القبائل العربية في بلاد النوبة ومنها بني ربيعة وبني جهينة ليرتبطوا مع النوبيين في علاقات مصاهرة، انتشر عن طريقها الإسلام في بلاد الذهب.
وعلى الرغم من خصوصية المجتمع النوبي وثقافته وتراثه، إلا أنك تشعر عند التبحر فيه، بأنه مزيج من حضارات كل شعوب العالم، وهو ما عبر عنه الأديب النوبي، حجاج أدول بالقول: «مهما اختلف العلماء والمؤرخون حول معرفة الأصل النوبي، فالواضح لدينا أنه قد وفدت شعوب كثيرة إلى منطقة النوبة، قاهرا، أو لاجئاً، أو مستسلماً، منذ عهد الفراعنة، من العرب والأتراك، والمماليك والرومان، ومن المغرب العربي وغيرها. ومازال هذا الشعب باقياً على سماته النوبية الأصيلة، تلك الجنسيات على اختلاف منبعها، ذابت وانصهرت في الشخصية النوبية».

وهكذا عاشت النوبة في قلب مصر، تدين بديانتها منذ عهد الفراعنة، وتحكم بحكامها، ويسرى عليها ما يسرى على المصريين، رغم عدم وجود حدود فاصلة بين شمالها في مصر، وجنوبها في السودان، حتى كان عام ١٨٤١ حينما أصدرت الدولة العثمانية التي كانت تحكم أغلب الوطن العربي، فرمانا بترسيم الحدود الجنوبية لمصر، تلتها الاتفاقية الثنائية بين مصر والاحتلال البريطاني في عام ١٨٩٩، والتي أدت في النهاية إلى فصل جنوب مصر عن شمال السودان، بعد أن كانا قطراً واحداً، فانقسمت بلاد النوبة إلى شطرين، نوبة مصرية تمتد من قرية أدندان جنوباً وحتى الشلال شمالاً، وأخرى سودانية جنوب خط عرض ٢٢.

وأدى هذا الفصل الجغرافى والمكاني لتلك البقعة إلى فصل نفسي وإنساني أيضاً، حيث عانت بعض العائلات من التقسيم وهو ما يقول عنه «عم دهب» أحد كبار أهل النوبة الآن: «كانت النوبة بلاداً واحدة، لا وجود لما يسمى النوبة المصرية أو النوبة السودانية، وكان الأجداد يعيشون على امتداد المسافة من أسوان وحتى داخل السودان، وجاء قرار الترسيم العثماني الذي لم يراع البعد الإنساني، ورغم ذلك مازلنا حتى اليوم نتزاور في المناسبات والأعياد وحفلات الزواج، ونمارس العادات والتقاليد نفسها».
وعلى الرغم من عشق النوبي للنيل الذي تربطه به علاقة وثيقة فإن النيل والرغبة في الحفاظ على مياهه وتوفيرها، كان سبباً في معاناة أهل النوبة. كانت المرة الأولى حينما قررت الحكومة المصرية عام ١٩٠٢ إنشاء سد أسوان للتحكم في مياه نهر النيل بشكل أفضل، وهو ما نتج عنه احتجاز فائض من المياه خلف السد بلغ منسوبه ١٠٦ أمتار، تسببت في إغراق نحو ١٠ قرى نوبية بأراضيها ومنازلها.
وقتها طالب النوبيون بالتعويض، فقدرته الحكومة المصرية بنحو ٨٠ ألف جنيه، ولكنه لم يرض النوبيين واعترضوا عليه، فصدر قرار الحكومة بنزع ملكية الأراضي من سكان المنطقة للمنفعة العامة في العام نفسه وتتكرر قصة النوبيين مع سد أسوان في عام ١٩١٢ حين تمت التعلية الأولى للسد ومرة أخرى في عام ١٩٣٢ مع التعلية الثانية للسد.
قرى تغرقها المياه، وسكان دون مأوى لا يلتفت إلى وجودهم أحد ومع قيام ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢، وتغير الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر، شعر النوبيون - على حد قولهم - بأن ثمة إصلاحاً يوشك أن يكون خصوصاً في ظل شعارات رفعتها الثورة عن العدالة الاجتماعية لكل فئات المصريين. ولكن أحداً لم يلتفت إلى النوبيين في الجنوب حتى كان بدء تنفيذ السد العالي في عام ١٩٦٠.
«إن الخير الذي سيعم على أبناء النوبة سيكون الخير الكثير، لأنه سيجمع شمل أبنائها على أسس صحيحة وبناء مجتمع قوى وسليم، لتزول الشكوى التي كنتم تشكون منها وهى الانعزال، ستكون عملية التهجير من هنا منظمة ومريحة ومركزة، ستنتقلون إلى قرى تشعرون فيها بالسعادة والحرية والرخاء»..

هكذا انطلقت كلمات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في أسوان عند وضع حجر الأساس للسد العالي في يناير من عام ١٩٦٠، كلمات براقة أحيت الأمل في نفوس أهل النوبة في أن الدولة ستعوضهم عما مضى وما هو آت، نعم سيتركون قراهم ومنازلهم على النيل من أجل عيون السد العالي، مشروع مصر القومي، ليذهبوا إلى قرى جديدة في مناطق تطل هي الأخرى على النيل، تعمرها الدولة لهم بالمصانع لتستوعب اليد العاملة من أبناء النوبة، ومناطق لأصحاب الحرف، و٣٠ ألف فدان أعلنت الدولة عن تخصيصها لأهل النوبة الذين سيتم تهجيرهم من قراهم، وتصدر قوانين تؤكد إمكانية تحقيق الحلم لتنظيم هجرة النوبيين منها قانون ٦٧ لسنة ١٩٦٢، والخاص بنزع ملكية الأراضي التي تغمرها مياه السد العالي، وقانون وزاري رقم ١٠٦ لسنة ١٩٦٢بشأن قواعد تعويض وتمليك وإسكان أهالي النوبة ثم القرار الوزاري ١٠٧٤٥ لسنة ١٩٦٢، لحصر الممتلكات وتقدير التعويضات ويبدأ التهجير لنحو ١٦٨٦١ أسرة في العديد من القرى مثل الدكة، والسيالة، والمحرقة، ودهميت، وكلابشة، ومرواو، وجرف حسين، والسنقارى، وغيرها من المناطق حول بحيرة النوبة، التي تحول اسمها فيما بعد إلى بحيرة ناصر.
كانت خطة الحكومة - حسب بيان وزارة الشؤون الاجتماعية وقتها - أن يتم تمليك المساكن للنوبيين، مع مراعاة الخصوصية الثقافية للمعمار النوبى من حيث التصميم وألوان الطلاء، مع منح حق تشييد المباني لمن يريد على نفقته الخاصة بعد التنسيق مع مهندسي وزارة الإسكان، وتخصيص ٣٠ ألف فدان في وادي خريت، ووادي شعيت، وتمليكها للنوبيين طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي.

«سد أسوان مشروع قومي كان ضرورة لمصر، والسد العالي مشروع قومي آخر لا يقل أهمية، ونحن النوبيين ألسنا مشروعاً قومياً بحاجة لمن يلتفت إلى مطالبنا؟».. هكذا يقول عم جمال محمد الذي يعيش الآن في «أبوسمبل» وهى إحدى القرى التي استوعبت النوبيين بعد التهجير في «كوم أمبو» التي تبعد نحو ٥٠ كيلومتراً شمال مدينة أسوان، وتمتد على طول المنطقة في شكل يقارب نصف الدائرة، يتخللها طريق ممهد للمواصلات يمتد بين أسوان وكوم أمبو، ويربط جميع القرى النوبية ببعضها البعض،
وأضاف عم جمال: «كانت حياتنا تسير بهدوء قبل تلك المشاريع، نعيش على شاطئ النيل، ونزرع أفضل الزراعات، ولا نكلف الدولة أي شيء، ولكن فجأة تبدل حالنا وبات مطلوباً منا الرحيل عن أراضينا، جئت هنا منذ عام ١٩٦٣ على أمل ما وعدتنا به الحكومة، فلم أجد أنا وغيري ما وعدونا به، من مصانع يعمل بها الشباب وأراض شاسعة نزرعها ونتملكها، حتى عندما قرروا اختيار الأرض المخصصة لبناء المساكن، لم يهتموا باختيار الأصلح، ووقع اختيارهم على أرض صحراوية رخوة، لم تتحمل المساكن التي أقاموها لنا فتشقق الكثير منها، هذا غير أنهم اكتفوا بتسكين ١٥ ألف نسمة فقط واضطر العدد الباقي إلى الإقامة في مخيمات، أو لدى بعض ذويهم، بينما هاجرت نسبة غير قليلة إلى محافظات مصر المختلفة.

حتى الأراضي التي منحونا إياها لزراعتها كانت جبلية غير صالحة للزراعة، فكيف نزرع؟ ثم اتهمونا بعدم القدرة على استصلاح الأراضي وزراعتها، كيف ونحن كنا نعيش في قرانا على الزراعة، واشتهرنا بصناعة السواقي التي كانت تروى ظمأ وعطش الأراضي المرتفعة عن سطح النيل والبعيدة عنها، بطريقة فنية بالغة الدقة والمهارة، تجعل الساقية قادرة على رفع المياه من أسفل إلى أعلى عبر ترس خشبي كبير يدور بفعل حركة الدوران من الثور، لم نكن نعرف ما يسمونه التكنولوجيا الحديثة، كنا نزرع بالمنجل، والفأس، والبرش، فكيف يقولون إننا لا نعرف الزراعة؟».
عندما تسير في قرى التهجير، ترى المنازل الحكومية التي يرفضها النوبيون وقد تشققت جدرانها نتيجة رشح المياه، وانهار بعضها الآخر، تاركاً وراءه أنقاضاً لم يتم رفعها، ولا ترى أثراً لمدنية أو تطور، أو مظاهر نمو سكاني ينهض بأهل تلك القرى الحالمين بمصنع أو مشروع حكومي يوقف هجرة الأبناء الذين يشرعون في الطيران بعيداً عن الوطن بمجرد الحصول على الشهادة، لندرة ما يمكنهم القيام به في تلك القرى، التي بلغت نسبة البطالة فيها ٤٠٪، من تعداد السكان هناك،
وهى حالة لا تختلف كثيراً عما يحدث في مصر كلها ولكنها تزداد في النوبة مع تراجع الإمكانات وضعف الاهتمام الاقتصادي من جانب الحكومة بتلك البقعة التي يمكنها أن تكون من أفضل مناطق الصناعة والاستثمار في مصر، لا لتوافر المواد الخام بها، من حديد، ومحاجر، ومناجم، ومياه النيل وحسب، ولكن لتوافر الأيدي العاملة التي لا تحتاج إلا للتدريب.

كان من الممكن أن ترضى تلك القرى النوبيين، لو توافر بها فقط ما وعدوا به من مشروعات وأراض زراعية تستوعب الزيادة المطردة في عدد السكان هناك، وبيوت لا يعانون تصدعها، وخدمات تعوضهم ما لديهم من مشاعر اغتراب، وبخاصة أن المنطقة تسمح بذلك فقط لو امتدت لها يد التعمير الحقيقي، من دون وعود براقة، تعمل كالمسكنات، ولا هدف منها سوى التهدئة.
لم تكن الهجرة إلى قرى التهجير والابتعاد عن أرض الأجداد، كما يسمونها، هي الوحيدة في تاريخ النوبيين، الذين بدأوا ومنذ بناء خزان أسوان والتعليتين الأولى والثانية به، في بدايات القرن الماضي، في الهجرة للقاهرة والإسكندرية، وسيلة للتغلب على ما آل إليه الحال، إلا أنهم ولأمانتهم وصدقهم الشديد، اشتهروا بالعمل في مهن حراسة العمارات الفخمة في الأحياء الراقية، وكخدم في قصور الباشاوات والأمراء من أفراد العائلة المالكة.
ولذا تزخر الأفلام السينمائية القديمة بهؤلاء النوبيين، تتذكرهم ببشرتهم السمراء وأدبهم الجم، ولهجتهم المميزة، التي تؤنث كل شيء في الحياة، وضحكاتهم الصافية التي لا تغيب، ووفائهم الذي ميز ما قاموا به من أدوار على الشاشة، فمن منا ينسى عم «إدريس» ذلك النوبي الوفي الذي أعاد لشادية حقها في فيلم «أنا الماضي» وحماها من أطماع عمها في إرثها، ومن منا ينسى أيضاً عم «إدريس» في فيلم «لحن الخلود» وهو يدعو مديحه يسرى للحاق بـ«الزيطة والزنبليطة في الصالون»،
وعلى الرغم من تلك الظاهرة التي خلقت تلك الشخصية الدرامية في السينما، فإن أهل النوبة يغضبهم أن يقتصر الالتفات إليهم وتذكر سيرتهم على صورة الخادم والبواب، مؤكدين أنهم لم يكونوا خدماً فقط ولكن السينما ركزت فقط على تلك الظاهرة، ونحن نؤكد لهم أننا نذكرهم بالحب شأنهم شأن كل المصريين.







النوبة.. قرن من المرارة (الحلقة الثانية) السد العالي
مشروع يعمر مصر.. ويغرق النوبة ويطرد أهلها


بقلم : نشوى الحوفى 4/2/2009

هو المشروع القومي، رمز الانتصار على الاستعمار، شعار الإرادة المصرية في التنفيذ، ولكنه في عيون عدد من أهالي النوبة، مشتت الأهل، ومفرق الجماعة والصحبة، وسبب البعد عن الأرض والطين، وبخاصة من استوطن منهم قرى الحكومة البعيدة عن النيل ونسيمه، ومياهه الجارية منذ آلاف السنين. هو السد العالي الذي تأممت القناة من أجل عيونه، وتعرضت مصر بعدها للعدوان الثلاثي في عام ١٩٥٦، في اعتداء خرجنا نردد منه أننا انتصرنا سياسياً وهُزمنا عسكرياً. وأياً كانت الآراء يبقى السد كما قال عمى وعمك صلاح جاهين: ( حكاية شعب ) .
" أيها الإخوة لا يسعني أن أبدأ هذا الحديث من هذا الموقع، في هذه المناسبة، إلا بذكر إنسان عظيم، كان له الفضل الأول والأكبر، في بلوغ الهدف وتحقيق الحلم، إن جمال عبدالناصر وسد أسوان العالي كلاهما رمز عظيم. الأول، جمال عبدالناصر، رمز للأمة، والثاني، السد العالي، رمز لطاقة هذه الأمة .
ولقد امتزج كلاهما بالآخر، إلى درجة يمكن أن نقول معها إن السد العالي يستطيع أن يحكى كل جوانب القصة الهائلة، لعمل ودور جمال عبدالناصر. كما أن دور وعمل جمال عبدالناصر يمكن أن يروى كله بالقصة الهائلة للسد العالي " .
كان هذا بعضاً من كلمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عند افتتاح السد العالي الذي وافق ١٥ يناير عام ١٩٧١، بعد سنوات من العمل المتواصل للانتهاء من ذلك البناء، الذي مثل تحدياً سياسياً لمصر منذ اللحظة الأولى للإعلان عنه .

كان البكاء على الماء الضائع في البحر، والخوف من الجفاف الذي يهدد كل دول حوض النيل، وعجز الخزانات القائمة عن الحفاظ على ذلك التبر الساري بين الشطين، دافعاً للتفكير في تنفيذ مشروع السد، إذ لم يكن في الإمكان الاعتماد على التخزين السنوي، كوسيلة لضبط مياه النيل، الذي كان إيراده يختلف من عام إلى آخر، فقد يصل في عام ١٥١ مليار متر مكعب من المياه، وقد يهبط في العام التالي إلى ٤٢ مليار متر مكعب، وهو ما يعنى تعرض الأراضي الزراعية للبوار، في السنوات التي يتراجع فيها منسوب النيل .

لذا جاء التفكير في إنشاء السد العالي، الذي كان فكرة تم طرحها وتأجيلها أكثر من مرة، فالمشروع ضخم، وبحاجة إلى تمويل لا يقل عن مليار ونصف المليار دولار. لذا كانت الخطوة الأولى التفكير في التمويل الذي يقول عنه الكاتب محمد حسنين هيكل في أحد حواراته: ( بدا مشروع السد العالي أكبر بكثير من طاقة الشعب المصري، سواء في تعقيداته التكنولوجية، أو حجم الموارد المطلوبة له، أو المدى الزمني الذي يمكن الانتهاء منه فيه. كان المشروع يتكلف ربع الدخل القومي لمصر، لكنه إذا نفذ سوف يضيف إليها ما يساوى تكاليفه كل سنة ) .
كان التمويل والتكنولوجيا إذن هما العائق أمام مصر لتنفيذ هذا المشروع الذي بات قومياً، كان الغرب يحاول أن يستغل المشروع للضغط على النظام المصري، لقبول الانضمام إلى أحلاف عسكرية، وقبول الصلح مع إسرائيل، وهو ما رفضه جمال عبدالناصر لتبدأ المساومات حول التمويل مع البنك الدولي وكان يرأسه في تلك الفترة يوجين بلاك، الذي رفض منح مصر خطاب ضمان، يضمن التمويل على مدار ١٢ عاماً، مكتفياً بخطاب للنوايا، وهو ما رفضه الرئيس جمال عبدالناصر لأنه لا يضمن استمرار التمويل للمشروع، كان التعجيز من جانب الغرب، وكان الإصرار من جانب المصريين .
وفى الإسكندرية، وفى ٢٦ يوليو عام ١٩٥٦، كان صوت القرار: ( تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية ) .. هكذا انطلق صوت عبدالناصر كالهدير، ليعلن سيطرة مصر على القناة قبل انتهاء سنوات الامتياز ١٢ سنة بعد رفض البنك الدولي تمويل المشروع لتكون موارد القناة هي البديل،

وبدأ العمل، بعد أن وقع الاختيار على موقع السد العالي، في مكانه الحالي جنوب خزان أسوان، يفصل بينهما نحو ٦.٥ كيلو متر نظراً لضيق مجرى النيل نسبياً في هذا الموقع، كانت الدراسات الخاصة بتصميم جسم السد، وتكوينه قد انتهت إلى أن يكون من النوع الركامى، المزود بنواة صماء من الطفلة، وستارة رأسية قاطعة للمياه، بحيث يصل منسوب قاعه ٨٥ متراً، ومنسوب قمته ١٩٦ متراً، أما طول السد من عند القمة، فيبلغ ٣٨٣٠ متراً، في حين يبلغ طول مجراه الرئيسي للنيل ٥٢٠ متراً، وعرض قاعدته ٩٨٠ متراً، وأخيراً فإن عرض السد عند القمة بلغ ٤٠ متراً، كان الجميع يعمل في السد وهو يعلم أنه ليس مجرد مشروع لتوفير المياه والكهرباء، كانوا يعلمون أنه الأمل في إثبات الذات، ولكنها لم تكن نفس النظرة لدى النوبيين سكان الأرض حول موقع بناء السد العالي، وهو ما يعبر عنه عم خيبر جمال ـ ٧٣ سنة ـ وأحد كبارات أهل النوبة بحديثه معي ذات يوم، قائلاً: كان البناء في السد العالي يتم على قدم وساق دون النظر إلينا نحن البشر، كنا ندرك أنه مهم لمصر كلها، ولكنه أضرنا، وبدل حالنا، كانت حياتنا قبله تسير في هدوء، نعيش على شاطئ النيل ونزرع أفضل الزراعات، ولا نكلف الدولة أي شيء، وفجأة بات مطلوباً منا الرحيل عن أراضينا، دون النظر إلى أي اعتبارات .
لا يعرف عم خيبر ذلك النوبي المسن تلقائي الحديث، أنه دائماً ما تأتى مصلحة المجموع على حساب الواحد، وأنه ما من مشروع كبير في أي مجتمع دون ضحايا وضحايا السد لم يكونوا في النوبة فقط، ولكنهم كانوا أيضا في مدن القناة بعد أن بدأت إسرائيل في التحرك صوب الأراضي المصرية، في ٢٩ أكتوبر عام ١٩٥٦، ضمن خطتها مع إنجلترا وفرنسا لشن العدوان الثلاثي على مصر رداً على تأميم قناة السويس .
كانت الخطة محكمة تتحرك إسرائيل في أراضى سيناء فترد مصر، فتنذر بريطانيا وفرنسا مصر بصفتها معتدية، ثم تبدآن قصف مصر في عدوان أعمى، نتج عنه احتلال إسرائيل لسيناء وتدمير معظم مدن القناة، وبخاصة بورسعيد، ولكون الاحتلال والتخطيط له تم بعيداً عنها، تتدخل الولايات المتحدة وتصر على وقف العدوان والانسحاب الكامل من سيناء وعاد المصريون فانكبوا على مشروعهم والتخطيط له، وإلى جانب واردات قناة السويس وافق الاتحاد السوفيتي على إقراض مصر لإتمام مشروعها، قرضاً قيمته ١١٣ مليون جنيه مصري، وبدأ العمل في بناء السد العالي في ٩ يناير ١٩٦٠، وتم الانتهاء من تنفيذ مرحلته الأولى في ١٦ مايو ١٩٦٤.
كان العمل يسير على قدم وساق كأنما الجميع في معركة مع الوقت، والمعوقات، ها هو الحلم بات وشيك التحقيق كان العاملون يرون المشروع كل يوم بعيونهم، البحيرة، التي أطلقوا عليها اسم ناصر، أمام السد العالي بطول ٥٠٠ كيلو متر، ومتوسط عرض ١٢ كيلو متراً، وبسعة تخزين ١٦٢ مليار متر مكعب من المياه، تم حساب كل صغيرة وكبيرة في المشروع، لم يكن هناك مجال للخطأ، فإذا ما زاد منسوب المياه في البحيرة على ١٧٨ متراً، يتم تصريفه إلى المنخفض الطبيعي، المعروف بمنخفض توشكى غرب النيل، عن طريق قناة موصلة بين بحيرة ناصر والمنخفض، يبلغ طولها ٢٢ كيلو متراً، الطريف أن المياه لم تدخل مفيض توشكى، إلا ١٥ أكتوبر ١٩٩٦، حين بلغ منسوب المياه أمام السد العالي ١٧٨.٥ متر. في ذات الوقت كانت عيون آلاف من النوبيين، على أرض الأجداد التي تركوها شاعرين أن تهجيرهم منها بمثابة نزع أرواحهم من الأجساد ٥٠٠٠ منزل تم إخلاؤها على وعد بالعودة مرة أخرى بعد الانتهاء من البناء الحلم والأمل، الذي حفرت له قناة لتحويل المياه على ضفة النيل الشرقية، تتكون من جزأين، قناة أمامية، وأخرى خلفية تصل بينهما أنفاق رئيسية متوسط طول كل منها ٢٨٢ متراً، وقطرها ١٥ متراً، وتحت الجناح الأيمن للسد، وتبطينها بالخرسانة المسلحة، ويتم التحكم فيها عن طريق بوابات تعمل بواسطة رافع كهربائي، ويتفرع كل نفق إلى فرعين عند مخرجه، حيث تم تركيب توربين لتوليد الكهرباء على كل فرع، قدرة كل منها ١٧٥ كيلو وات، وبقدرة إجمالية للمحطة ٢.١ مليون كيلو وات، لتكون الطاقة الكهربية المنتجة سنوياً، ١٠ مليارات كيلو وات في الساعة .
جاء السد رغم أوجاع البعاد التي يعانى منها النوبيون، ليؤكد أنه من المشروعات ذات العائد الاقتصادي المرتفع، حفظ نصيب مصر من مياه النيل، وزادت مساحة الرقعة الزراعية في مصر بحوالي مليون فدان، وتم تحويل ٩٧٠ ألف فدان، من نظام الري الحوضي إلى نظام الري الدائم ما زاد من إنتاجية الفدان، وتحسنت الملاحة النهرية على مدار السنة، وحمى مصر من مخاطر الجفاف في السنوات شحيحة الإيراد، كما حدث في الفترة من عام ١٩٧٩ إلى عام ١٩٨٧، وكذلك أخطار الفيضانات العالية كما حدث عام ١٩٧٥، بقى السد وبقيت آمال النوبيين في العودة للسكن على النيل .




آثار النوبة .. هنا أرض الملوك العظماء وعبقرية الفراعنة


بقلم : نشوى الحوفى 4/2/2009



تستشعر في كل شبر تسير فوقه قدماك في بلاد الذهب آثار أقدام من سبقوك من ملوك وملكات الفراعنة على تلك البقعة ليشيدوا حضارة بلغت آفاق السماء، تاركين وراءهم آثاراً، تمنحك إحساساً بالهيبة لعظمة ما تركوه تارة، والحسرة على ما فرطنا فيه تارة أخرى.
آثار القدماء هناك لا تعبر فقط عن الحضارة المصرية التي أبهرت العالم، لكنها تحكى أيضاً قصة النوبيين ومساهمتهم فيها عبر آلاف السنين، شاهدة على عمق جذورهم في التاريخ المصري، حتى لتحار بأيهما تبدأ.
هذا «معبد كلابشة» المنتمى إلى قرية تحمل الاسم نفسه، وتبعد ٥٦ كيلومتراً جنوب خزان أسوان، ويعد أحد أكبر المعابد المشيدة بالحجر الرملي في النوبة، وأكثرها اكتمالاً في عناصرها المعمارية، على جدرانه نقوش للأسطورة الخالدة التي تحكى قصة إيزيس وأوزوريس، تتذكر وأنت ترى النقوش، تفاصيل قصة تلك الوفية، التي ما ملت بعد الغدر بزوجها، من قبل أخيه ست، من تجميع جسد الزوج، وتربية الابن حورس ليواصل مسيرة الأب.
يعود تاريخ بناء معبد كلابشة إلى عهد الإمبراطور الروماني «أوكتافيوس أغسطس» -٣٠ ق.م، ولا يزال المعبد يحتفظ بالمرفأ الخاص به. ومعبد «بيت الوالي»، المنحوت في الصخر على يد «ميسوا» حاكم كوش في عهد رمسيس الثاني، ليكون هذا المعبد واحداً من ٥ معابد أخرى أمر ببنائها رمسيس الثاني في النوبة، ويحتوى على فناء وصالة للأعمدة ومقصورة محلاة بنقوش، كما يتضمن نقوشاً للملك في ساحة الحرب.
عليك أن تبطئ الخُطى الآن، وأنت تقف مشدوهاً أمام معبد أبوسمبل الكبير، نعم لابد أن تتمهل عند دخولك أحد أهم وأجمل آثار النوبة، فأنت في حضرة الملك رمسيس الثاني، انظر بتروٍ إلى تماثيله، لا تسرع الخُطى، انظر إلى واجهة المعبد التي ترتفع ٣٣ متراً، وعرضها ٣٨ متراً، تحرسها تلك التماثيل الأربعة الضخمة للملك رمسيس الثاني، جالساً على عرشه، مرتدياً التاج المزدوج لمصر العليا والسفلى، وتتوسط الواجهة بوابة المعبد، الذي خُصص لعبادة الإله «رع حور آختا آمون»، إله الشمس المشرقة في مصر القديمة.
ها هو الملك في لوحات ضخمة تجسد معاركه التي قادها بشجاعة، أشهرها «قادش» حين طارد الحيثيين، تمتد خطواتك داخل المعبد، فتبهرك تفاصيل معماره الهندسي الفريد، والنقوش الرائعة، لتصل إلى نهايته حيث «قدس الأقداس» على عمق ٦٥ متراً، هناك تجد نفسك بين ٤ تماثيل، للإله «رع حور آختا آمون رع بتاح» والملك رمسيس الثاني.

ويظل المعبد تحفة في تصميمه الذي يسلط الأضواء على بانيه كل عام مرتين، حين يستقبل المعبد عشاق المعجزات، لرؤية الشمس وهى تتعامد على وجه الملك رمسيس الثاني، مرة في ذكرى جلوسه على العرش يوم ٢٢ فبراير، وأخرى في ذكرى مولده التي توافق ٢٢ أكتوبر. ويلح عليك السؤال باحثاً عن إجابة قبل مغادرتك تلك التحفة المعمارية، أين نحن الآن ممن نعتبرهم أجدادنا؟ وأين هم منا ومما آل إليه حالنا؟
تنصرف لترى على مسافة قصيرة من المعبد من جهة اليسار، معبد أبوسمبل الصغير، الذي بناه رمسيس الثاني، لا ليخلد ذكراه، بل تعبيراً عن حبه لزوجته «نفرتاري» التي يعنى اسمها «أحلاهم» أو «أطيبهم» أو «أحسنهم»، حيث تعنى كلمة «نفر» الطيب والحسن، وكانت نفرتاري مولعة بنحت التماثيل التي تجسدها، كما كان يفعل زوجها رمسيس الثاني الذي نحت لنفسه تماثيل في كل مكان، وقد اتخذت «نفرتارى» لنفسها العديد من الألقاب، من بينها «الأميرة الوراثية»، «الزوجة الملكية الكبرى»، و«سيدة الأرضيين»، و«ربة مصر العليا والسفلى»، كما شغلت في ذات الوقت منصب «زوجة الإله».
ويؤكد علماء المصريات أن لقب نفرتاري الأخير كتب مرتين أمام صورتها، في المقبرة الخاصة بها في وادي الملكات.
لم تكن نفرتارى قوية النفوذ في قلب زوجها وحسب، ولكن منحتها سمرتها، الجمال كله لا نصفه فقط، فسميت أيضاً «مليحة الوجه» و«الوسيمة ذات الريشتين». ويعتقد أن زواج الملك رمسيس الثاني ذي الأصول الدلتاوية في شمال مصر بالجميلة «نفرتارى» ذات المكانة المميزة في طيبة، جاء لرغبته في تعضيد مركزه في جنوب الوادي. أما أهم ما يميز معبدها رغم صغر مساحته، فهو جمال رسومه، ووضوح ألوانه، ونقوشه.
نترك الملك رمسيس وجميلته، ونشد الرحال إلى معبد إدفو، ثاني أكبر المعابد الفرعونية بعد الكرنك، ويقع على بعد نحو ١٢٠ كيلو متراً شمال مدينة أسوان، المعبد يحمل اسم مدينة إدفو، التي كان يطلق عليها في العصور الفرعونية اسم «إدبو» أو «دبو» وتعنى «بلدة الاقتحام»، ويقال إنها كانت موقعاً للمعركة الأسطورية، التي دارت بين حورس وست، وانتصر فيها حورس الذي ظل المعبود الأول في المدينة وكان ينسب إلى البلدة فيدعى «بحدتى».
يتميز المعبد إلى جانب ضخامته بروعة تصميمه الذي يعود إلى العصر البطلمي، واستغرق بناؤه ٢٠٠ عام ليكون مقراً لعبادة الإله «حورس» الذي تم تصويره على هيئة صقر، كما تزدان جدران المعبد بنقوش، ورسومات تصور قصة حورس، وانتقامه من عمه «ست» في إطار الأسطورة الشهيرة، التي لا يقف تأثيرها على ذلك المعبد وحسب، ولكنه يمتد لجزيرة إيجيليكا التي صممت على شكل حمامة طافية على سطح الماء، ونقلت إليها آثار جزيرة فيلة التي حاصرتها المياه بعد بناء خزان أسوان في عام ١٩٠٢، والغرق مرة أخرى بعد بناء السد العالي، حتى بدأ المشروع القومي لإنقاذ آثار الجزيرة، وما عليها منذ عام ١٩٧٢.
على تلك الجزيرة عاشت إيزيس وزوجها ملك الأرض، مانح البشرية المعرفة، والفنون، وكيفية زراعة الأرض، ونسج الملابس وصناعة الفخار، حتى قتله شقيقه ست ومزق جثته وفرقها بين البلدان وقامت زوجته إيزيس بتتبع رفاته وجمعها وإعادته إلى الحياة مستخدمة في ذلك قوتها السحرية، وصارت إيزيس ملهمة الديانات في نفوس الكثيرين وقتها، لا في مصر القديمة وحدها، ولكن في اليونان وروما أيضاً، واكتسبت جزيرة فيلة مكانة خاصة، فأطلق عليها البطالمة اسم «الجزيرة المقدسة»، وبنو فيها معبداً لإيزيس في القرن الثالث قبل الميلاد، إلى جانب عدد آخر من المعابد منها «أمنحوتب»، و«حتحور»، بالإضافة إلى عدد من الصروح والنقوش،
ورغم اعتماد المسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي، فإن عبادة إيزيس استمرت في جزيرة فيلة حتى عام ٥٥٠ ميلادية، لتبدأ الفترة المسيحية، وتتحول قاعة الأعمدة بمعبد إيزيس إلى مكان لممارسة الشعائر المسيحية، كما نقلت الأحجار من بعض الآثار لبناء كنائس في الجزيرة، وعندما جاء الإسلام اعتبرت فيلة حصناً أسطورياً، ممثلاً في إحدى قصص ألف ليلة وليلة، واكتسبت اسم «أنس الوجود» تيمنا باسم بطل إحدى هذه القصص.
لا تنس وأنت في النوبة أن تزور آثار منطقة «الكاب» التي أخذت اسمها من اسم آلهة المدينة القديمة «نخبت»، وتصورها النقوش على هيئة طائر العقاب، وتضم عدداً من المعابد الصغيرة، والكثير من المقابر، بينها «النبلاء» و«أحمس ابن آبانا»، و«رنى» و«سيتاو».
درة آثار النوبة المتحف الذي يحمل اسمها في قلب مدينة أسوان، وجمعت فيه آثار من جميع العصور، حلى، أسلحة، أوعية فخارية، وبرونزية، وتيجان فضية مرصعة بالأحجار الكريمة، ومصابيح برونزية، وتماثيل تعبر عن النوبيين وطريقة حياتهم، وطرز منازلهم ذات البناء المميز.
كهف ما قبل التاريخ بنقوشه الصخرية الرائعة، مئذنة على الطراز الإسلامي بشكل يتناسب مع الجبانة الفاطمية بهذه المنطقة.. ويأخذك المتحف في رحلة عبر ٥٠٠٠ سنة من تاريخ النوبة الطويل، إلى جانب ما تحويه تلك الأرض الغنية من الديوريت، والأحجار الكريمة المتنوعة، كما يوجد به آثار من النوبة في الحقبتين المسيحية، والإسلامية، وما يمثلهما من أيقونات، فرسكو، وأدوات وأوانٍ فخارية. وملابس.
أما النوبة في العصر الحديث فتجدها في المتحف ممثلة في الحياة اليومية للنوبيين قبل التهجير، ترسمها السلال المتنوعة من سعف النخيل، وأدوات الري، والزراعة والتعليم وغيرها من مظاهر الحياة.
تعود فكرة إنشاء المتحف إلى الخمسينيات، حينما بدأ البرنامج الدولي لإنقاذ آثار النوبة من الغرق، وكانت البداية مع معبد أبوسمبل الذي تم فكه ونقله إلى مكانه الحالي، توالت بعدها عمليات إنقاذ باقي المعابد الأثرية، وقطع الآثار التي كان يعود بعضها إلى حقبة ما قبل التاريخ، وكان هناك خوف عليها من أن تغمرها المياه،
حيث تم الاحتفاظ بها في مخازن وزارة الآثار على أن يتم إنشاء متحف لتعرض وتحكى المراحل المختلفة لتاريخ بلاد النوبة فيما بعد وليكون بمثابة نموذج مصغر لأوجه الحياة بها قبل أن تغمرها مياه النهر، وهو المشروع الذي تبنته منظمة اليونسكو من خلال حملة دولية للإسهام في بنائه، وقد تم وضع حجر الأساس للمتحف في عام ١٩٨٦، وتم افتتاحه في نوفمبر ١٩٩٧.






النوبة قرن من المرارة (الحلقة الثالثة) النيل.. وجع البعاد




بقلم : نشوى الحوفى 11/2/2009

ترتسم على قسمات وجوههم تعاريج نهر النيل الذي يعيشون إلى جواره، وتعلموا من سريانه منذ آلاف السنين الصبر، فانعكس على سلوكهم، ووجوههم المرحبة دوماً ، ينتظرون مراكب السائحين تأتى إليهم عبر النهر محملةً بالرزق، فيهرعون إليها نساءً، وأطفالاً، ورجالاً، يبيعون لهم ما لديهم من منتجات، ذاعت شهرتها في العالم عبر السياحة، ويمنحونهم فرصة للتمتع بأجواء نوبية طالما كثر الحديث عنها.
ويفرحون بزيارة قد تحمل تصوير فيلم مثل «مافيا» ليشاهدهم المصريون الذين لا يعرفون عنهم شيئاً، سوى أنهم من فصيلة «بكار» تلك الشخصية الكرتونية الشهيرة، أو زيارة فريق برنامج تليفزيوني، مثل «البيت بيتك» يمنحهم مقدمه الشهير، محمود سعد، فرصة استعراض ما لديهم، خلال فترة وجيزة، تظل بالنسبة لهم، ذكرى يفتخرون بها ويتحدثون عنها لمن يأتي لزيارتهم مرة أخرى .
هؤلاء هم سكان النوبة في منطقة «غرب سهيل» التي تقع على بعد كيلومترات قليلة، يمين خزان أسوان، ويعرفون بين أهل النوبة بأنهم من «الكنوز» أو «الماتوكيين» الذين لا يختلفون كثيراً عن بقية أهل النوبة من «الفاديكة»، إلا في بعض تفاصيل اللغة النوبية .
الوصول إلى غرب سهيل، ليس بالأمر الصعب، فهي على بعد دقائق من قلب أسوان، يصعد بك الطريق بعد الدوران يمين خزان أسوان في طريق غير ممهد، تحفه من الجانبين منازل نوبية بسيطة التفاصيل، مختلفة المساحة، تم بناء أغلبها بالطين، ورُشت حيطانها بالجير الأبيض، المزين برسومات، ونقوش نوبية، وما بين المسافات بين المنازل، تتبدى لك صورة النيل في منظر بديع، ويصل إلى أذنيك وأنت تتابع رحلتك صوت الموسيقى النوبية هادئاً كهدوء البيئة المحيطة بك، شجياً كنظرات أهلها الممزوجة بحزن لا تفهم سببه .
بنيت البيوت في غرب سهيل، على تل مرتفع عن شاطئ النيل بنحو ١٠ أمتار، ليكون الصعود من الشاطئ إلى الأرض عبر سلالم صخرية حًُفرت في تكوين التل الطيني، وبأعلى التل تختلط المنازل بمحال بيع الهدايا التذكارية والتحف النوبية، والمنتجات التي تشتهر بها أسوان، كالفول السوداني المحمص على أشعة الشمس، والكركديه، والحناء.
ليس هذا فحسب ولكنك ستجد بعض البيوت انشطرت نصفين من الداخل، جزء منها تم إعداده كمكان لاستقبال السائحين بعد تزويده بالزخارف والمنتجات النوبية، مع توفير مكان لجلوسهم على هيئة المجالس في البيوت النوبية.

ويقدم للسائحين في تلك البيوت ما يتمنون الحصول عليه من شيشة، ومشروبات محلية وبعض العصائر، ليكون مقهى بالمعنى الكامل للكلمة، بينما يبقى الجزء الثاني من تلك المنازل، سكناً لأصحابها يعيشون فيه، من هؤلاء عم عبدالشكور الذي كتب بالإنجليزية على بوابة منزله من الخارج، عبارة «كوش هاوس» أي «بيت كوش»، ينتمي المنزل لبيوت النوبة المتسعة، تزين جدرانه من الخارج رسومات غاية في الروعة لامرأة نوبية تحمل جرتها باسمة، وأخرى لمجموعة راقصة من النوبيين، بينما باب البيت مفتوح للجميع، نتجه صوب عم عبدالشكور للحديث معه، فيتسع وجهه بابتسامة واسعة، بمجرد معرفته أننا صحافة من القاهرة، فيبدأ في الحديث معنا داعياً إيانا للدخول ومشاهدة البيت، ندخل متخطين «مصطبة» عند باب المنزل، ويدلك صاحب البيت على قفص حديدي على يمين الباب من الداخل، فنقترب منه لنرى في داخله تمساحاً لا يتجاوز طوله نصف متر، يخبرنا عبدالشكور أنه اصطاده من وراء بحيرة السد، وهو صغير لكي يزيد من متعة السائحين المترددين على بيته .
أما «مجلسة» السائحين كما سماها عبدالشكور، فهي في مواجهة باب المنزل، تزين مدخلها ستارة من الخرز، والغرفة مصممة على الطريقة العربية، حيث تم فرشها بالكليم، مع وضع وسائد قطنية مكسوة بأقمشة زاهية على الأرض، للجلوس عليها، وعلى الحائط صور مرسومة باليد لطبيعة الحياة في النوبة.
نخرج باحثين عن عم عبدالشكور، فنجده خارج المنزل، يستقبل بعض السائحين الهابطين من مركب سياحي أتى بهم قائده إليه، يتحدث لهم بإنجليزية سليمة، مخبراً إياهم أنه بانتظارهم في المنزل لتناول المشروبات النوبية، بعد انتهاء جولة طلبوها قبل الغروب على الجمال، التي أعدها لهم. يتراجع للوراء حاملاً من زوجته صينية صفت بأكواب الكركديه المثلج، تحية لنا.
«هنا في غرب سهيل الحياة جميلة هادئة، نعيش على تراث الأجداد، ونعتمد كلنا على السياحة، كوسيلة لكسب العيش، استقبال السائحين، توصيلهم بالمراكب والسيارات، صناعة المنتجات التي يحرصون على العودة بها لبلادهم، توفير المكان الجيد للجلوس».
هكذا يتحدث عبدالشكور، الذي أضاف: «السياحة هذا العام ليست كالأعوام السابقة، هناك تراجع نتمنى ألا يؤثر على حياتنا بشدة، لقد عانينا في سنوات الإرهاب الذي أثر على السياحة في مصر، وربنا يستر ويحمينا من الأزمة العالمية».سألته عن طبيعة سكان المنطقة كنوبيين، فيجيب: «نعيش هنا منذ سنوات بعيدة، لم نضطر للهجرة كما حدث مع أهل النوبة الذين كانوا يعيشون عند السد، والبحيرة.

لا ينقصنا شيء لكننا نعانى بعض المشاكل التي طالما شكونا منها دون أن يجيبنا أحد فاعتدنا عليها، كالصرف الصحي الذي لم يفكر أحد في تزويد المنطقة به، وإيجاد فرص عمل للعاطلين منا وخاصة أن السياحة ليست مضمونة، كما طالبنا برصف الطريق المؤدى إلينا بعد الخزان، حتى يسهل مجيء السياح، وتجميل المنطقة. عدا ذلك ليست لنا طلبات، فحياتنا سهلة، نسير معها كما ترسو بنا».
بجوار منزل عبدالشكور، العديد من البيوت التي تجلس أمامها نساء في مختلف سنوات العمر، تنشغل كل واحدة منهن بعمل منتج يباع للسائحين، أغطية رأس للشباب، عقود من الخرز، وما إن يستشعرن باقتراب مركب يحمل السائحين، حتى يسرعن بحمل ما صنعن والوقوف أمام الشاطئ، يحاولن إقناع السائحين بشراء بضاعتهن.
البعض منهن كن يحملن عرائس خشبية ملونة صناعة الصين، وعندما لاحظت دهشتنا من أن يباع في أسوان منتج صيني لسائح، يبحث عن تراث المكان، أجابت ضاحكة: «أنتم ترسلوها إلينا مع التجار من خان الخليلي، ونحن نبحث عن تنوع المنتج لنغرى السائحين بالشراء».
«العديد من الأفلام السينمائية يتم تصويرها هنا في غرب سهيل»، هكذا التقط «حكيم» سائق السيارة التي كانت تقلنا الحديث بنبرة اعتزاز بالمنطقة، وأضاف: «فيلم (مافيا) الذي قام ببطولته الفنان أحمد السقا ومنى زكى، تم تصويره هنا، وكذلك فيلم (أنت عمري)، الذي قام ببطولته هاني سلامة ونيللى كريم، فسحر المكان هنا لا يقاوم».
عندما تزور منطقة غرب سهيل، التي يعيش بها بعض من أهل النوبة، تعرف سبب تعاسة النوبيين في قرى التهجير، التي قد تكون منازلها وطرقها، أفضل حالاً من نظيرتها في غرب سهيل، السبب هو ذلك الخالد الذي يسرق العقول والقلوب معاً منذ آلاف السنين، فمن زار أسوان يعرف أن النيل هناك، غير النيل في القاهرة والدلتا، لا في لون المياه، ولكن في هيئته التي تشعرك، وهى تعبر بين شاطئيه والصخور الجرانيتية، أنه بالفعل النهر الخالد، الذي يمنح القاطن على ضفافه، حتى ولو كان في عشه من البوص، الراحة والسكينة،
فالنيل لدى النوبي، ليس مجرد مجرى مائي، بل هو شريان حياة يمر في قلوب النوبيين، مذكراً إياهم بماضيهم، وراسماً حاضرهم، ومزوداً خيالهم بكل ما هو خصب .
النوبي شخصية عشقت منذ وجودها السفر والتنقل، سعياً وراء الرزق، ولكنه لم يعشق الغياب الطويل عن الأحبة والأهل، ولذا كان النيل بالنسبة إليه شبكة المواصلات، التي توفر له الانتقال عبر مراكبها الشراعية، من الجنوب للشمال، وبين قرى النوبة المزروعة على شاطئ النيل لمسافة تقترب من نحو ٣٥٠ كيلو متراً، وتكون العودة بعد الغربة والسفر، مرة أخرى للجنوب محملاً بالصناديق والكراتين المملوءة للأحبة بالهدايا والملابس، والشاي والسكر، والمواد الغذائية .
«البوستة» هو الاسم الذي أطلقه النوبي على المراكب التي تجوب النيل بين القرى المختلفة، تأتى مطلقة «صفارة» الوصول، فتقف على شاطئ كل قرية تنتظر من يركب بها، وسط وداع محبيه ودموعهم، ومن يترجل منها منطلقاً إلى أحضان الأحبة المستقبلين له.
كانت رحلة البوستة من الشلال في أسوان، وحتى دنقلة في السودان، تمر عبر ثلاث محطات، المحطة الأولى هي منطقة «الكنوز»، ثم محطة «العرب»، ثم محطة «الفديكات»، التي تتصل بدنقلة بالسودان. ومع ما منحه إياه من مياه يشربها، ويزرع منها، ويتنقل عليها، وأرض يسكنها، كانت تلك العلاقة بين النوبي ونيله، الذي تغنى به غناء العاشق.

اللغة النوبية .. شفرة النصر في حرب أكتوبر

بقلم : نشوى الحوفى 11/2/2009

«ماسكا فيونا»، «بييس»، «نو»، «يو أندى»، «بان إيسى»، «وينجى»، تلك هي بعض من مفردات اللغة النوبية، وتعنى حسب ترتيب كتابتها، «صباح الخير»، «أخ»، «جد» و«أمي» و«عمة»، أما الأخيرة فتعنى «نجم»، حيث يصف خبراء اللغة النوبية، بأنها طبقات متراكبة من كل لغات حوض نهر النيل، والكتابات المصرية عبر تاريخها منذ الهيروغليفية والديموطيقية، مروراً باللغة اليونانية القديمة، انتهاءً بالعربية.
ويقول عنها أهلها، أنها باتت، رغم تراجع التحدث بها من قبل الأجيال الحديثة، أقدم لغة متكلمة ومكتوبة، في تاريخ البشرية بعد اندثار الفرعونية والقبطية القديمة، يصرون في النوبة، سواء أكانوا من الكنوز أو الفديكا، على التحدث بها حفاظاً على بقائها، بعد انتشار الحديث بلهجة باقي المدن المصرية.
تعرف الموسوعة العالمية للغات، اللغة النوبية بأنها لغة نيلية صحراوية، يتحدث بها سكان جنوب مصر وشمال السودان، ويبلغ عدد الناطقين بها، نحو مليون نسمة.
ويقول المؤرخون إنه عندما عرفت بلاد النوبة الدين المسيحي، واعتنقه أهلها، كانوا بحاجة إلى ترجمة الإنجيل إلى لغتهم كي يفهموه، فاستعاروا حروف اللغة القبطية، التي أخذها المصريون من الحروف اليونانية، وأضافوا إليها بعض حروف اللغة الديموطيقية، لتصبح اللغة النوبية لغة قراءة وكتابة، بعد أن كانت لغة تخاطب فقط.
وهو ما استمر حتى القرن الخامس عشر الميلادي، حين أخذت اللغة العربية التي يتحدث بها المسلمون في الانتشار، حيث كانت القبطية هي السائدة .
وعلى الرغم من انتشار العربية، فإن النوبيين حافظوا على لغتهم ومفرداتها فيما بينهم، فإنه من النادر أن تجد من يكتبها الآن.
ويقسم النوبيون في جنوب مصر لغتهم إلى لهجتين حسب تصنيفهم لأنفسهم، فهناك لهجة نوبة الكنوز، ولهجة نوبة الفديكا، والاختلافات بينهما ناشئة عن أصل كل من اللهجتين، كما يقول خبراء اللغة النوبية، فيعود أصل «الكنزية» إلى اللهجة «الدنقلاوية» نسبة إلى دنقلة في السودان، بينما يعود أصل «الفديكا» إلى اللهجة «المحسية»، التي كان يتحدث بها سكان شمال السودان.
ويرى بعض المتعصبين لتاريخ النوبة ولغتها، أن تراجع استخدام اللهجات النوبية، وانقراض بعضها الآخر، نتج عن عمليات التعريب القسرية التي تعرضت لها بلاد النوبة، وهو زعم يجافى الواقع، حيث تؤكد الشواهد التاريخية لدى النوبيين أنفسهم، أن لغتهم مرت بالعديد من محطات التطور، نتيجة وفود العديد من الأجناس على تلك المنطقة، بدءاً من الفرعونية القديمة انتهاءً بالعربية،
كما أن سيادة لغة على أخرى كان دوماً يرتبط بالديانة التي يؤمنون بها، وهو ما يؤكده دكتور ميلاد حنا، الذي يرى أن استخدام اللغات واللهجات في العالم كله يأتي حسب احتياجات المتكلمين بها.
ويكفى اللغة النوبية وأهلها فخراً، أنها وكما قال الكاتب محمد حسنين هيكل في إحدى حواراته في الجزيرة، كانت لغة الشفرة في حرب أكتوبر ١٩٧٣.
وفشل العدو الصهيوني في فك رموزها، ويكون للنوبيين فضل المساهمة في نصر أكتوبر. وأخيراً لا نملك إلا القول:«ماسكا جرو» التي تعنى بالنوبية «السلام عليكم».





حُلي المرأة النوبية .. زينة أسطورية لنساء يشبهن الأساطير





بقلم : نشوى الحوفى 11/2/2009

ملكة متوجة دون عرش، تعامل بذات التقدير الذي كانت تتمتع به جداتها من ملكات الفراعنة في الماضي، تعشق الجمال البادي عليها وعلى أسرتها، ولذا كانت لها خصوصيتها في حليها، وملبسها، وزواجها أيضاً.
حُلي المرأة النوبية ليست مجرد قطع من الذهب أو الفضة، كتلك التي تتزين بها النساء، ولكنها قطع تحكى تاريخ تطور، وإبداعات بشر عشقوا الجمال في كل شيء، حتى في حُلى المرأة.
وتتنوع أسماء تلك الحُلي، سالبة عقل المتتبع لها، ما بين «الجكد»، و«الزمام»، و«الكردان»، و«الزيتوني» وغيرها من الأسماء، التي تزيد بشرة سمراوات النوبة، تألقاًً وبريقاً تحت لمعان حليهم الذهبية، مما جعل مصممة الحلي والمجوهرات المصرية الشهيرة عزة فهمي تصفها بالقول: «حلى النوبة كنز من كنوز الحلى في مصر».
«القرط» أو «الحلق» بلغتنا الدارجة، هو الأكثر شيوعاً بين النساء هناك، تمتلكه الفقيرة والغنية.
ولذا يتنوع اسمه وتصميمه أيضاً، فهناك «القرط البلتاوى» أو «الزمام»، ويتخذ من الهلال تصميماً، تزينه الزخرفة النوبية التقليدية، من خلال مثلثات متجاورة في صفين، مصنوعة بطريقة النقش بالأقلام، أو المقاطع في خطوط غائرة، والمساحات الناشئة بين المثلثات تكون هي الأخرى مثلثات.
ويعتبر هذا القرط من الحلى الأولية في بلاد النوبة، وكان يصنع حتى وقت قريب من الفضة، ولكن بعد هجرة النوبيين عقب بناء السد العالي، اختفى القرط الفضة، وتحول إلى ذهب.
هناك أيضاً «أوكن تميم» أو «قرط الفدو»، وهو قرط ذهبي على شكل الهلال أيضاً، ولكنه أصغر حجماً ووزناً، من أقراط «البلتاوى»، ويُعلق في أعلى عظمة الأذن. ويزخرف الهلال بثلاثة صفوف متتالية من المثلثات المحفورة، في وسطها تاج، تحيط به من الناحيتين أوراق أغصان نباتية وزهور.
أما «قرط عكش» فهو قرط مزخرف برموز وزخارف بارزة، ترى في وسطها طاووسين متقابلين، بينهما صف رأسي من ثلاث وحدات شبه هندسية، على قمتها، سعفة نخيل.
ويبدع النوبيون في زينة نسائهم فلا ينسون الرأس، تاج المرأة وقمة زينتها، فيصنعون «حلية الشاوشاو» من الفضة لتعلق على جانبي الرأس، فتسدل بجوار الأذنين حتى تصل إلى الأكتاف، ويصل بين طرفي الحلية، شريط يمر ويثبت فوق الرأس.
الأجيال الحديثة لا تمتلك تلك الحلية الفضية، ولكنهم قلدوها بأخرى صنعوها على شكل أشرطة من الخرز، تعلق في الشعر وتتدلى على جانبي ومؤخرة الرأس حتى الأكتاف.
وفى حُلي نساء النوبة ما يعرف باسم «فضة الرحمن» وهى حلية ذهبية للجبهة، مزخرفة يتم ارتداؤها مع حلية أخرى للرأس تسمى «الرسان» وهى عبارة عن سلسلة، تتدلى منها ١٢ وحدة صغيرة بشكل مخروطي تشبه كل منها زهرة اللوتس، وفى أسفلها هلالان متجاوران، تعلو كلا منهما نجمة صغيرة.

ولا تنسى اليد النوبية إبداع حلى العنق، ومنها «قلادة البيق» وهى قلادة تشبه الكردان إلى حد ما تصنع من عيار ٢١ وتتكون من ٦ خطوط مسطحة مخروطية الشكل، عليها رموز وزخارف بارزة لأهــلة ونجــوم، تتوسط الجزء الأعلى منها نجمة خماسية، وفى وسط القلادة دلاية مستديرة عليها تشكيل بالبارز، تسمى «ما شاء الله»،

ويأتي الحديث عن خلخال القدم الذي يسمى بالنوبي «الحجل» ويصنع من الفضة على شكل دائرة مفتوحة عند طرفيها تزينه بعض النقوش الغائرة، أما طرفا الخلخال، فهما عبارة عن رأسين كل منهما مكعب أجوف مشطوف الزوايا، يشبه الحبة المثمنة.

وتتأتى الخصوصية الثانية لدى المرأة النوبية في ملبسها، الذي يتميز بقطعة تطلق عليها «الجرجار»، وهو عبارة عن رداء شفاف من قماش الشيفون أو الدانتيل الأسود المطرز يمتا بأكمام واسعة، وطويلة تتجاوز رسغ اليدين، وينتهي بأطراف «مكشكشة».
يزيد طول الجرجار من الخلف، ليدارى أقدام المرأة النوبية عند السير به، بينما لا يتجاوز طوله كعب المرأة من الأمام. وللجرجار طرحة من نفس نوعية القماش المصنوع منه، طولها متران وتلف حول الرأس فتغطى الكتفين والصدر، وتظهر دائرة الوجه فقط.
«وفاء» ابنة شقيقة عم دهب أكدت لنا حرص المرأة النوبية على ارتداء الجرجار خاصة في المشاوير البعيدة، فهو جزء من حشمتها وثقافتها، مشيرة إلى أن سعر القماش الخاص بالجرجار، يتجاوز ٢٠٠ جنيه، بينما تتكلف الخياطة ٣٠ جنيهاً.
ورغم استمرار «الجرجار» كسمة من سمات ملابس النساء في النوبة، فإن هناك تراجعاً واضحاً، على حد وصف النساء الكبيرات، في ارتدائه من قبل شابات النوبة وذلك لعدة أسباب، أهمها غلاء سعره مقارنة بسعر العباءات الخليجية التي باتت تفضلها نساء النوبة لتعدد تصميماتها .

النوبة .. قرن من المرارة (الحلقة الرابعة والأخيرة) قضية انفصال النوبة
هل تحاسبون المذبوح على صراخه؟
بقلم : نشوى الحوفى 16/2/2009

هل يبحثون بحق عن انفصال، وإقامة منطقة حكم ذاتي؟ سؤال يطرح ذاته على سكان النوبة، خاصة في قرى التهجير، التي انتقلوا إليها عقب الشروع في بناء السد العالي، حيث يخرج بين الحين والآخر صوت نوبي يعيش في الخارج، ينادى بحقوق النوبيين الضائعة، وما تعرضوا له من ظلم واضطهاد على مدى تاريخهم.
في النوبة الطيبة، يشكو السكان من التجاهل، والإهمال، وعدم تقدير تضحياتهم، ولكنهم ينفون بشدة ما يتردد عن رغبتهم في الانفصال، أو تكوين حكم ذاتي مع النوبة السودانية، فيردون على من يسألهم ذلك السؤال بالقول: «وأين لنا بإمكانات دولة؟ وهل لنا بلد غير مصر؟ أصولنا، رغم اختلاف العادات والتقاليد عن غيرنا من المناطق في مصر، تنتمي للطين المصري، نحن أصل الحضارة هنا ونحن الذين بنيناها، فكيف ننفصل عنها؟» أسئلة منطقية تنفى كل ما يتردد على ألسنة البعض في الداخل والخارج أيضاً، عن رغبة أهل النوبة في الاستقلال بحكم ذاتي.

حجاج أدول، أديب مصري من أهل النوبة، ولد في عام ١٩٤٤ وله العديد من الأعمال التي حازت التقدير، لكن شهرته لم تكن بسبب موهبته الأدبية وحسب، بل جاءت بما أثاره أيضاً من جدل، حين نسبت إليه بعض الصحف تصريحات عن مطالبته بإقامة حكم ذاتي لبلاد النوبة، تجمع شمال السودان وجنوب مصر، إلى جانب مشاركته في المؤتمر الذي نظمه المهندس عدلي أبادير لأقباط المهجر في واشنطن، مندداً بما يتعرض له النوبيون من اضطهاد، وهو ما دعا بعض الكتاب إلى المطالبة بفصله من اتحاد الكتاب المصري، لكنه دافع عن نفسه بالقول: " لم أشارك في مؤامرة لتدويل قضية النوبة كما ادعى البعض، فالمؤامرة حدثت مع تهجير النوبيين وتوطين غيرهم في الستينيات " .
والسؤال: لماذا أعادت الحكومة المصرية مهجري قناة السويس، وترفض إعادة النوبيين؟ ألسنا مواطنين مصريين مثل غيرنا! حتى عندما منحت اليونسكو أموالاً للحكومة المصرية لإعادة توطين النوبيين، أنشأت الحكومة ١٨ قرية في الموطن النوبي وأسكنت بها غير النوبيين؟ ألا يُعد هذا اضطهاداً؟ وما العيب إن شاركنا في مؤتمر وطني قبطي، محوره الأساسي كان يدور حول «الديمقراطية في مصر للمسلمين والمسيحيين، واتصالها بالديمقراطية في الشرق الأوسط»، حضره أغلب الأقليات بالشرق الأوسط، حتى من السنة والشيعة، أي أنه كان مؤتمراً وطنياً.

يقول أدول: لا يعلم الكثيرون أن النوبيين يشكون من أوضاعهم منذ عام ١٩٤٧، ولكن لم يلتفت إليهم أحد، وحين تكلمت عن حقوقنا النوبية، في مؤتمر الأقباط بواشنطن، قامت الدنيا ولم تقعد وحاولوا تلويث سمعتي بالأكاذيب، مرددين أنني أنادى بالانفصال، وهو اتهام أنا منه بريء، فأنا من رفع شعار «النوبة وصل لا فصل»، وأنا من كتب أن النوبة هي «الواو» النوبية التي تجمع مصر والسودان، وأنا من قلت: لا يكفينا دورنا النوبي في تكامل شعبي وادي النيل السوداني والمصري، بل علينا أن نمهد ثقافيا مع جميع شعوب حوض النيل، لتشجيع الاقتصاد المشترك، لأن هذا سيزيد من ارتباطنا بشعوب حوض النيل، فيؤمنون لنا المياه. فهل في ذلك انفصال؟ لقد سئمنا من وعود تقال لنا على سبيل التهدئة، أتحاسبون المذبوح على صراخه؟ نحن مواطنون مثلنا مثل غيرنا.
تحت شعار «النوبة بين التوطين والتطوير»، اجتمع في أبريل ٢٠٠٧، عدد كبير من النوبيين على مدى ثلاثة أيام في أحد فنادق الجيزة، في مؤتمر كان الأول من نوعه، ليناقشوا مشكلاتهم. نظم المؤتمر المركز المصري لحقوق السكن، بتمويل من إحدى المؤسسات الألمانية المعنية بالشأن النوبي، بلغ ١٨٠ ألف دولار، حضر النوبيون، وغابت الأطراف الحكومية التي دُعيت للمشاركة فيه، وهو ما دفع البعض للتساؤل عن أهداف منظمي المؤتمر ومموليه من تنظيمه، إلا أن منال الطيب رئيسة المركز أكدت وقتها أن الأمر ليس به أي أهداف،
وأن المركز شأنه شأن العديد من الجمعيات الأهلية، التي تتلقى الدعم والمساعدة من قبل منظمات عالمية، تسعى لمنح الإنسان حقوقًا يعجز عن الوصول إليها، مؤكدة أن المركز يخضع لإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، وليس بعيدا عن أعين الحكومة، وأن سبب تنظيم المؤتمر، تلقى المركز شكاوى أسر نوبية تطالب بحقها في إعادة التوطين في قراها بجوار السد.

عندما تتحدث مع أهل النوبة سواء من يعيشون في قرى التهجير، أو على ضفاف النيل كسكان غرب سهيل، تشعر بحنينهم للماضي الذي كانوا فيه شعباً واحداً في مصر والسودان، في علاقة يصعب تفسيرها إلا في ضوء إحساسهم بانحدارهم من سلالة واحدة، ووجود جذور عائلية مع سكان النوبة في شمال السودان. ولكنهم لا يتكلمون عن بلد غير مصر، وهو ما يفسره الكاتب والمفكر دكتور ميلاد حنا، بالقول: «من حق النوبيين أن يكون لهم خصوصية ثقافية، يرتبطون فيها مع نظرائهم في السودان، وهذا طبيعي نتيجة موروث ثقافي يمتد لآلاف السنين، ولكن هناك استحالة قيام دولة نوبية كما يرى البعض، لأنه لا تتوافر لها أي مقومات سكانية، أو موارد اقتصادية لقيامها».
يلتقط طرف الحديث الأديب النوبي حجاج أدول، ليؤكد أن النوبيين ليسوا مجرد أقلية، ولكنهم من الشعوب الأصلية الذين - وحسب مواثيق الأمم المتحدة - لهم حق العودة إلى موطنهم مادام سبب التهجير قد زال، مفسراً زيادة ما يشعرون به من غبن بالقول: «النوبيون أقلية، تختلف عن بقية الأقليات في مصر»، ويضيف: " لقد هُجر النوبيون من موطنهم، في حين أن بدو سيناء ورغم ما يعانونه من مشكلات، مازالوا في موطنهم، في حين أن خصوصية النوبة تأتى من علاقتهم بالنيل الذي نشأوا على ضفافه منذ آلاف السنين، وأجبروا على الرحيل عنه، ويعجزون عن العودة له، لذلك عذاباتنا أعمق من الأقليات الأخرى. فهوية النوبي نيلية، كسكان غرب سهيل الذين لم تزل نفوسهم رطبة بمياه النيل، ومن دونه يفقد النوبي الكثير، وطردنا لصحراء تابعة لأسوان كان كحكم القتل بالنسبة لنا، ولا نتمنى سوى العودة لموطننا الحقيقي جنوب السد ".

مسعد هركى، أحد أبناء النوبة، الذين شقوا طريقهم خارج أرض الذهب، ونجح في أن يكون واحداً من رجال الأعمال، يرى أن هناك مبالغة في مشاعر الاضطهاد التي يعلنها البعض، بين الحين والآخر من أبناء النوبة،

ويضيف: " ربما لطبيعة النوبي الصادقة التي لا تعرف الكذب في الحديث، والتي ترى كل شيء إما أبيض أو أسود، يأتي هذا الإحساس الغارق في الظلم، وخاصة مع الابتعاد عن أراضى الأجداد وهى تعنى الكثير للنوبيين، ولكن مشكلة النوبيين أنهم لم يخرجوا خارج إطار النوبة، ليعرفوا أن ما يعانون منه يعانى منه معظم قرى مصر، وأنه لا يوجد تمييز ضدهم كما قد يصور البعض، والدليل بدو سيناء الذين يشعرون بنفس المشاعر ولديهم الكثير من المشاكل، وأهل الصعيد الذي يعانى من الفقر والتهميش. المشكلة ليست في النوبة ولكنها في الأوضاع السيئة التي لا تجد لها أي حلول في مصر ".
النوبيون في الجنوب يؤكدون أنهم لم ولن يفوضوا أحداً بالحديث عنهم، في أي مطالب بالانفصال، ولكنهم يتعجبون من حجم التجاهل الذي يتعرضون له، مستشهدين بالعديد من المواقف التي ترسخ لديهم ذلك الإحساس، ومن بينها توصيات لجنة الإسكان والمرافق بمجلس الشعب عام ١٩٨٥، وكان يرأسها الدكتور ميلاد حنا، وكانت قد أوصت بإيجاد حلول لمشكلات التربة، والتصدعات في المنازل، والصرف الصحي، والبطالة، لكن أحدا لم يلتفت لتلك التوصيات وكأنها لم تكن ليظل حالهم كما هو، إلى جانب عدم الأخذ بآراء لجان الحصر والتوزيع، في مراقبة التنمية الريفية بكوم أمبو عام ١٩٩٣ ، والتي ألزمت الأهالي بتقديم الأرقام المسلسلة للتعويضات التي تسلموها في الستينيات، لإثبات الملكيات في النوبة القديمة،‏ فقدموها مرفقة بالشهادات المطلوبة، وعلى الرغم من مرور نحو ١٥ عاماً فإن شيئاً لم يتغير.
ويقول عم دهب: «لنا مطالب نتمنى أن تجد من يسمعها، في مقدمتها إعادة تقييم التعويضات الهزيلة التي صرفت للمهجرين فهل يصدق أحد أن تكون قيمة مركب ٥٠ جنيهًا، والنخلة ١٠ قروش حتى لو كان هذا في زمن الأسعار الرخيصة، نطالب بتخصيص الأراضي المستقرة شاطئيًا حول بحيرة السد العالي وما حولها دون مقابل للنوبيين الذين كانوا يقيمون فيها قبل بناء السد، وتحويل منطقة التهجير الحالية المعروفة باسم (نصر النوبة) إلى منطقة عمرانية، وتشغيل الشباب النوبي العاطل في مشروعات إنتاجية للقضاء على ظاهرة البطالة، فهل يستكثر المسئولون تلك المطالب علينا؟».
التهجير والابتعاد عن أحضان النيل ليس وحده ما يزعج النوبيين، ولكن يحزنهم ذلك التهميش الإعلامي، والثقافي والاجتماعي لهم، وهو ما يقول عنه جمال محمد - ٧٣ عاماً -: «منذ عامين مرض ابن عمى، واضطر للسفر للقاهرة لإجراء عملية جراحية في مستشفى مصر للطيران، وفى أحد الأيام قمت بالاتصال به للاطمئنان عليه، فوجدت عامل التليفون يسألني عندما لاحظ تغير لهجتي عما إذا كنت سودانياً، فأجبته بأنني من النوبة، فرد على بقوله: «يعنى من السودان» يومها حزنت، فلم يكن الوحيد الذي يقول لي هذا الكلام، وللأسف فإن بعض المصريين يروننا أفارقة، غرباء عنهم، لا تجد أعمالاً تليفزيونية تعبر عنا، وعن حياتنا، غير مسلسل كارتون الأطفال بكار .
«ناويين لما نرجع تاني، لبلاد الجمال الرباني، جوه البيت نزرع نخلة، تطرح خير وتعمل ضله، والعصافير تلقط غلة، في الحوش الكبير والرملة، جار الساقية في العصرية، نحكى حكاوي، والأفراح حتملاء الناحية ويا غناوي، مشتاقين يا ناس لبلاد الدهب...للنوبة».. تلك أشعار أهل النوبة في قرى التهجير، وأحلامهم أيضاً.

البيت النوبي .. قباب وشمس وهواء وزخارف وزينة ونظافة

بقلم : نشوى الحوفى 16/2/2009

هو تحفة معمارية ببساطة تصميمه، وطلائه المميز بنقوش تجمع بين كل العصور التي عرفتها الحضارة المصرية، وتكوينه الذي لا يرتفع عن سطح الأرض سوى بطابق واحد، وفنائه الداخلي الذي يحتضن غرف المنزل في خصوصية تضمن لساكنيه الرحابة، والحياة المريحة.
ذلك هو البيت النوبي الذي جابت شهرته العالم ليصبح تصميمه واحداً من التصميمات التي يلجأ إليها عشاق التجديد، بدءاً من المعماري المصري الراحل حسن فتحي، الذي استمد بعض فكره من هذا الطراز، انتهاءً بالمعماري الأمريكي الشهير مايكل جريفث، مصمم مدينة الجونة المصرية بالغردقة على الطراز ذاته.
في الماضي كان البيت النوبي يقام على سفح الجبال أو قمتها، ليكون بعيداً عن مجرى فيضان نهر النيل، كانت الحجارة والرمل والطين هي مكونات بناء هذا البيت، الذي تتفاوت مساحته تبعاً للأرض المقام عليها، بينما كانت جذوع وجريد النخل وسيلة النوبي لتشييد سطح بيته، على هيئة قباب من الطوب اللبني تشبه أنصاف البراميل.
وهو ما جاء في وصف الرحالة «ديتون» لعمائر النوبة، أثناء الحملة الفرنسية على مصر عام ١٧٩٨، حيث ذكر أنها تمتاز بالروعة في مظهرها، وتتناسق عمارتها، برغم إقامتها من اللبن الممزوج بجريد النخيل وجذوعه.

كان للبيت النوبي القديم سور خارجي، به بوابة من الطوب اللبن، تعلوها باكية يغلقها باب خشبي، حيث تقودك تلك البوابة لفناء مكشوف، تحيط به غرف الدار من جميع الجهات، ولا يزال البيت النوبي رغم موجات التحديث يحتفظ بطرازه المميز، حيث يتم بناء الجدران الخارجية للبيت النوبي على قطعة مربعة أو مستطيلة من الأرض، تتسع لصحن داخلي تتوسطها مكونات الدار وهى، مدخل البيت،
ويوجد به المندرة المخصصة لاستقبال الضيوف، ثم الفناء الذي يعرف في النوبة باسم «الحوش السماوي»، وتحيط به غرف النوم التي يطلقون عليها «القباوى»، يجاورها في أحد الأركان «المخزن» الذي يحتوى على كل احتياجات المنزل من غلال، ثم المطبخ الذي يعرف في النوبة باسم «الديوكة»، ثم الحمام، وفى مواجهة بوابة المنزل في الفناء ترى «المزيرة» الخاصة بوضع «أزيار» الماء، وتضم «المزيرة» النوبية ٣ عيون يوضع بكل منها «زير» مخروطي الشكل.

وللبيت النوبي باب رئيس خاص بدخول النساء والخروج منه، دون المرور بجوار المضيفة، يعرف هذا الباب عند عرب العليقات باسم «نقادة»، وعند الكنوز والفديجا، باسم «السر». ويتجسد عشق النوبي للألوان والزخارف في تصميم بيته، حيث تزين جدران المنزل من الخارج بنقوش شبه غائرة، تجمع بين الأشكال الهندسية، وصور الكوكب والنجوم. كما يلجأ النوبي في تزيين بيته لاستخدام أطباق خزفية ترشق في الجدران، وتحمل غالباً اللون الأبيض أو الأزرق، وهما لونان يحملان دلالات تراثية لدى النوبي، لمنع السحر والحسد.
ومن الممكن أن ترى في أعلى بوابات البيوت النوبية غزلانًا أو تماسيح أو طيورًا محنطة. ولا تخفى عليك لمسات المرأة النوبية عند دخولك البيت هناك، فالنظافة الشديدة هي العنوان الأول في كل البيوت، يليها الاهتمام ببعض التفاصيل التراثية التي تتضح معالمها في سلال الخوص، وأشغال الخرز، وأكلمة الصوف التي تزين الأرضيات بألوان غاية في الإبداع، إلى جانب لوحات جدارية يرسمونها على الحائط لتجسد حياة النوبيين اليومية.

عندما سألوا المعماري حسن فتحي عن سر اهتمامه بالطراز النوبي وتبنيه له، أجاب أن السبب يكمن في «أنه وجد فيه الحل المناسب، إن لم يكن الأمثل لمشكلة شديدة الإلحاح، هي توفير بيت لكل فلاح فقير في الريف المصري، بتكلفة اقتصادية منخفضة تناسب دخل هذا الفلاح، على ألا تنتقص هذه التكلفة المنخفضة من حقه في أن يكون له بيت متين وواسع ومريح وجميل».

أدرك حسن فتحي فطرة النوبيين في البناء والتشييد والتصميم، كما لو كانوا من كبار المصممين، حيث إن البيت النوبي يستمد تهويته وإضاءته من فناء داخلي تنفتح عليه نوافذ البيت من الداخل، وهو ما يحمى أهل البيت من الأتربة والتيارات الهوائية الشديدة، بالإضافة إلى توفير الفناء عنصر الخصوصية للبيت وحرمته التي تتوافق مع القيم الأخلاقية لساكنيه.
المقارنة بين مساحة البيت النوبي القديم، ومساحة المنازل التي بنتها الحكومة في قرى التهجير، قد تعطيك بعض الإجابة عن سبب رفض النوبيين ممن تم تهجيرهم تلك البيوت، فالبيت النوبي القديم كما في منطقة غرب سهيل على سبيل المثال، تتراوح مساحته بين ٥٠٠ و٢٠٠٠ متر، بينما البيت في قرى التهجير لا تزيد مساحته على ٣٠٠ متر. ولكن أيا كان مكان المنزل سواء على النيل أو في كوم أمبو التهجير، يظل البيت النوبي ذا سحر خاص لا تستطيع مقاومته.

وفي نهاية هذه المقالات أو الكلمات الجميلة والمقابلات والذكريات التي تم سطرها بواسطة أهالي النوبة سواء من الكنوز أو الفاديكات فكلنا من النوبة أرض الذهب ... وأتقدم بالشكر إلى نشوى الحوفي وأسرة جريدة ( المصري اليوم ) على هذا المجهود الرائع والجميل .. ولهم جزيل الشكر .


والله ولي التوفيق ،،،